تُعدُّ المبالغة العبثية في تقدير الشهرة أحد مظاهر الجنون الأنوي في العالم.
فبعض المشاهير يقعون في الخطأ نفسه ويتماهون مع الخيال الجمعي، وهي الصورة التي رسمها الناس أو الميديا عنهم، ويبدأون بأن يروا أنفسهم فعلاً كأشخاص متفوقين على البشر العاديين.
وكنتيجة لذلك؛ يصبحون أكثر اغتراباً عن أنفسهم، وعن الآخرين، أكثر شعوراً بالتعاسة، وأكثر اعتماداً على استمرارية شعبيتهم.
وإذ يحيطون أنفسهم بأشخاص يغذون فحسب صورتهم الذاتية هذه؛ فإنهم يصبحون عاجزين عن إقامة علاقات أصلية.
إن سُميّة أن تكون مشهوراً في هذا العالم يكمن في أن ماهيتك تصبح محجوبة بالكامل بصورة ذهنية جمعية؛ فمعظم الذين تلتقي بهم يريدون أن يعززوا هويتهم من خلال شهرتك.
وبالمناسبة لم يقع العالم ألبرت أينشتاين -والذي كان قدره أن يصبح واحداً من أشهر الناس على هذا الكوكب- في فخ التماهي مع الصورة التي أنشأها العقل الجمعي عنه؛ فقد ظل متواضعاً،وغير أنوي، بل أنه تكلم عن “التناقض الهائل بين ما يحسبه الناس إنجازاتي، وقدراتي، وحقيقة من أنا،وما أنا قادر على فعله”
لهذا السبب من الصعب على شخص مشهور أن يقيم علاقة أصلية مع الآخرين. فالعلاقة الأصلية لا تسيطر عليها “الأنا” المهووسة بصنع الذات.
وهكذا نرى أن هناك ثلاث حالات مهيمنة من العلاقات الأنوية، هي: المصلحة، المصلحة المحبطة (الغضب، الازدراء، اللوم، التذمر)، واللامبالاة.
وهذا يفسر لنا كثير من حالات الانتحار التي تنتهي بها حياة بعض المشاهير، أو على الأقل حالات القلق النفسي الذي تعتري البعض منهم.
ولعلَّ قصيدة الأمير عبدالرحمن بن مساعد تصف هذه المعاناة عندما قال:
فقير وعندي المال الكثير
فقير وملبسي غالي حرير
إلى أن يقول:
ولا شكيت من غفلتي طوُّل زمنها
يقاللي لا تشتكي ..
ما خلقت الشكوى لأمير.
سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@
الحلقات السابقة من روشتة وعي