من أعظم الأمور فرحاً تمرُّ على الإنسان ،عندما يتقدم لخِطبة فتاة ، وتتم الموافقة على قبوله ، مشاعر لا توصف بين الخطيبين ، الكل منهم يفكّر ، في ارتباطه بالآخر ، فمن ناحية الزوج ، فالسؤال عن سيرة وسلوك الفتاة ، لا يكاد يذكر ، لأنه بداية ، عرف من أي بيت يختار ، وبأي نسب يرتبط ، لكنّ الفتاة ، التي تعيش الأحلام ! والأحلام ! في شريك حياتها ، تجدها ، لسانٌ سؤول ! ، تسأل صديقاتها وزميلاتها ، أكثر من قريباتها ، ماذا تتوقعين ؟ ، يا صديقتي في هذا الخاطب ، وبماذا تنصحين ؟ وماهي العلامات التي أعرف بها شخصيته ، وسلوكه ، وسيرته ، وكيف أهله ، وأخوانه ، وقبيلته ، وعائلته ،
أهم متحضرون ، أم قداما ، على سلف الأجداد ، ثم تأتيها الاجابات ، والتوصيات ، والتحذيرات ، من كل حدبٍ وصوب ، ومن كثرة ما تسمع ، تتوه في بحر ، المثاليات التي تريدها ، في هذا الخاطب – مسكين أيها الخاطب ! – مطلوب منك أن تكون مثالياً وكاملاً في كل شئ !
بنيتي ! أخيتي ، على رسلك ، خففي من الهمّ الذي تحملين ، والحُلم الذي تتطلعين ، لا يمكن أن تُبنى الحياة الزوجية والأسرية ، على أحلام اليقظة ، ولا على الأمنيات العالية ، و لا على الكماليات الباهظة ، وليست آراء الزميلات والصديقات ؛ هي معيار لحياة مستقرة ، نعم ؛ تستشيرين ، لكن من !
ولهذا ، فإن من أعظم التركيز عليه في شخصية الخاطب ، الدين والخُلق ، فإذا توفرت ، فما سواها ؛ أسهل ، قد تتحقق
مع مرور الوقت ، ومع المعاملة الحسنة ،
لأن صاحب الدين ، في الغالب لا يظلم ولا يعتدي ، وصاحب الخُلق ، أيضاً تغلب عليه صفة الرحمة والمعاملة الحسنة ، ولتعلمي أخيتي ، أن الحياة الوردية ، قد يصعب نيلُها ، هكذا هي الحياة ، لابد وأن تحفها الابتلاءات والمكاره ، اختباراً ، للصبر والتحمل والتغافل ، والتسامح ، لكن لها لذة إذا استطاع الإنسان أن يتغلب على تلك المشاكل ، ويجد لها حلاً ، بالتنازل والعفو والصفح ،
واعلمي أيتها المصونة ؛ أن المشاعر العارضة ؛ بعد عقد القران ( الملكة ) هي مشاعر فطرية طبيعية ، تحمل في طياتها المجاملة في بعض المواقف ، تولدت من مؤثر ، بين الزوجين ، فرحة بالارتباط ، يسودها التصنع والمثالية أحياناً كثيرة ، والتي تتعارض مع الطباع البشرية ، فلا يعول على تلك الفترة بالاستمرار ، على ما يحصل أيامها من سلوك وخُلق ، وبذل وعطاء ،
وشبهة إطالة مدة عقد النكاح ، قبل الدخول ؛ للتعرف أكثر على الطباع ، ليست على إطلاقها ، ستستمر تلك المشاعر الخادعة ، وستتنوع ، لإثبات الذات ، والتلبس بما هو ليس بالحقيقة ، فلننتبه لذلك، ولا نجعلها مقياساً ، لحياة المستقبل ، و من القصص المضحكة المبكية ، شاب عقد قرانه على فتاه ، وقبل الدخول ؛ كانت له زيارات ، ويحضر معه بعض الهدايا ،البسيطة واليسيرة ، ثم ، تستشير الفتاة صديقتها ، في هذا ؛ فتقول الصديقة ، ربما يكون زوجك بخيلاً ! لأنه ما عرف قدرك ، ولم يحضر كذا وكذا ، ثم يشعل الشيطان تلك الكلمة المسمومة ، وربما قيلت ؛ عفوية أو ممازحة ، في فكر تلك الفتاة فتتخيل أنه بخيل ، وتعول على ذلك حياتها المستقبلية ، هذا نموذج ، والأمثلة كثيرة ،
لذا يجب الرضا بما قسم الله تعالى ، بعد الاستشارة والاستخارة ، وايكال الأمر لله تعالى ، والتكيف مع الطباع البشرية ، التي لا يخلوا منها بشر ، وأن نغلب جانب الرضا بالخُلق الحسن ، المشرق ، بين الزوجين ، وسوف تستمر الحياة ، بحلوها ومرّها ، مادام القلبان محبين لبعضهما .
د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي
مقالات سابقة للكاتب