دكتور المشوح .. ورحلة وفاء

🖋️ إن من الأخلاق الإسلامية الكريمة خلق “الوفاء” ولا سيما إن كان لأهل العلم والفضل والمعرفة ؛ ويكون ذلك بالمحافظة على تراثهم العلمي ، والقيام بتحقيقه ونشره ، والحديث عن سيرهم وأخبارهم ، وتعريف الناس بهم وبمناقبهم ، والتخلق بأخلاقهم وسماتهم .

وقد أحسن الأستاذ عبدالله المديفر في إختيار موضوع الحلقة الرابعة من برنامجه “الليوان” بأن جعلها عن سيرة علم من أعلام المملكة العربية السعودية ومؤرخ من مؤرخيها وهو الشيخ الرحالة محمد بن ناصر العبودي (ت ١٤٤٣هـ) رحمه الله ، وكذلك إختيار الضيف وهو تلميذ الشيخ محمد العبودي والمقرب منه ، وخادم علمه ، أخي الدكتور محمد بن عبدالله المشوح صاحب الوفاء ، ومكرم الأدباء ، فهو خير من يتحدث عنه لكثرة صحبته له في حله وترحاله ، واستضافته له في برنامجه الشهير “المسلمون في العالم مشاهد ورحلات” قرابة عشرون عاماً.

وهو صاحب وفاء لمشايخه وأساتذته وأصدقائه وزملائه وضيوفه ، ولا أدل على ذلك من تكريمه لبعضهم في صالونه الأدبي المعروف “الثلوثية” وزياراته لهم في منازلهم ، والسؤال عنهم ، وتفقد أحوالهم .

أما عن شيخه عميد الرحاليين فقد أفرد له كتاباً عن حياته وسيرته بعنوان “الشيخ محمد العبودي كما عرفته” .

ويأتي الدكتور محمد المشوح مساء هذه الليلة في برنامج “الليوان” ليتحفنا بشيء من سيرة الشيخ محمد العبودي – رحمه الله – الذاتية ومسيرته العلمية ، ومواقفه الفريدة وقصصه الممتعة ، وعن كيفية كتابته وأسلوبه فيها ، وعدد مؤلفاته وسبب تأليفها والمطبوع منها ، وعن رحلاته وتنقلاته ، فهو نبراس العلم والثقافة ، وملهم الحرف والمعرفة ، وعميد الرحالة في عصره ؛ وقد كان صاحب صبر وجلد على الكتابة والتأليف ، فخلد لنا مجموعة من أعماله العلمية والموسوعية .

ومن أبرز ماذكره الدكتور محمد المشوح – إختصاراً – في هذا اللقاء الشيق فيما يخص الرحلات والكتب مايلي:

-الشيخ العبودي من بقية الموسوعيين في المملكة وقد منحه الله من المواهب وتعددها الشيء الكثير .

-ولد طموحاً وكان سابقاً لزمانه ليس في تفكيره بل في أعماله .

-الدول التي زارها في الحسبة التقديرية حوالي ١٦٠ دولة ، بمساحاتها ومقاطعاتها ، ومناطقها وولاياتها ، ولكنه لم يزر دولة قطر ولا كوريا الشمالية .

-أول رحلة له خارج المملكة كانت للبحرين .

-تعلم عدة لغات من أبرزها: الإنجليزية والبرتغالية والبرازيلية والصينية.

-وقد زار البرازيل ١٥ مرة ، وكان أول سعودي يزورها عام ٩٤ ، ويوجد هناك أحد أكبر الجوامع يحمل إسمه ، وألف عنها ١١ كتاب ، طبع منها ٨ كتب .

-ألف ما يتجاوز ١٧٠ كتاب في “الرحلات” منها ١٣٥ كتاب في الرحلات مطبوع ، و٤٠ كتاباً لم يطبع .

-كتب عن الصين حوالي ١٠ كتب والمطبوع منها ٦ فقط .

-كتب عن ثلاث دول عربية فقط وهي: جيبوتي وموريتانيا والمغرب .

-كتب كتابه “يوميات نجدي” وهو في عمر ٢٥ سنة ، وكان عبارة عن رصد لمعرفة الحالة الاجتماعية في نجد .

-كتب ٤٥ معجم ، وأول معجم إبتدأه عام ١٣٧٩هـ وهو معجم “الأمثال العامية في نجد” وأيضاً له معجم “كلمات قضت”.

وفي آخر المطاف ذكر الدكتور محمد المشوح عن الشيخ العبودي – رحمه الله – بأن “التنظيم” هو عنوان حياته ولهذا أنتج كل هذا الإرث وظهر هذا الإبداع ، وكان رجلاً عظيماً وحمد الله تعالى أنه عاصره وأستفاد منه .

وعليه فإنه ينبغي على طلاب العلم الحرص كل الحرص على تراث العلماء الموسوعيين من أمثال الشيخ العبودي وأن يقتفوا أثر الدكتور محمد المشوح في ذلك بالقيام بحفظه ونشره ؛ وتشجيع المشايخ على إخراج مالديهم من علوم وفوائد سواء بكتابتها أو بتوثيقها صوتياً ليستفاد منها مستقبلاً فهي من الأثر الباقي والعلم النافع والمفيد.

🔘 إضاءة :

لقد أثنى شيخنا معالي الشيخ صالح بن حميد – حفظه الله – في مجلسه ذات يوم على الشيخ الرحالة محمد العبودي فقال: “حرص على الكتابة والتأليف منذ صغره ؛ فهو ذكي جدًّا ، متعلم ، يكتب كتابة فقيه نفس ، وفقيه مجتمع ، وفقيه ذات ، وفقيه علم”.

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “دكتور المشوح .. ورحلة وفاء

هاجر

جزاك الله خير الجزاء استاذنا على تدوين الأحداث والأثر الطيب لمشايخنا العظماء امثال الرحالة والأديب السعودي محمد ناصر العبودي رحمه الله حيث صدر له حد الآن أكثر من 220 كتاباً تتنوع بين الرحلات والتاريخ والجغرافيا واللغة والأدب والأنساب والتراث الشعبي وأدب السيرة، وقد مكنه عمله الرسمي في (رابطة العالم الإسلامي) من القيام بالكثير من الرحلات العلمية والدعوية التي حرص فيها على تدوين أبرز مشاهداته وعلى «تقصي جوانب الحيوات المتعددة لشعوب العالم، وتفحص المعالم، والآثار، والمتاحف، والمناظر الطبيعية، وأحوال الشعوب، ودياناتهم ومستوياتهم الحضارية، والمدنية، والاقتصادية». وقد صدر له حتى الآن أكثر من 140 كتاباً في أدب الرحلات كان أولها كتاب (في إفريقية الخضراء: مشاهدات وانطباعات وأحاديث عن الإسلام والمسلمين) الذي كتبه على هيئة مذكرات يومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *