غفوة

بقيت ورقة التقويم تلگ كما تُركت منذ آخر
مرة ، لم تُقلب قط 
وكأن عقارب الزمن توقفت ..
فما عداه لم تكن سوى أيام ..
تشرق فيها الشمس وتغيب ..
تنتهي سنة وتبدأ أخرى ..
ترتفع درجة حرارة الجو ،
يهطل المطر ،
وتتساقط أوراق العمر تباعاً ،

لم تذكر متى آخر مرة اقتنت لها ثوباً جديداً ..
لم يعانق رمشها الساحر كحلها الحالگ ،

لم تعد تشبه حواء كثيراً ..
صنعت لنفسها ثوب حدادها وأبت أن تنزعه ..
وكأن الوجود سراب لا تُأمن به ،
وكأن عالمها بات صمتاً أخرساً تختفي فيه الأصوات وكأنه خارج درب التبانة ،
بعيد ..
كبعد سنوات ضوئية ..
عالم ،
لايحوي سوى ذكرى عقيمة
لم تنجب سوى الحرمان ..

.
.
وصورة قديمة تمزقت أطرافها لكثرة ماتتفقدها كل حين !
تخشى
بل وتخشى كثيراً

أن تُمحى من خيالها صورته ،
تخشى أن يمزِّقُها الزهايمر ويُفطِّر قلبها بنسيانه ،

قسمات وجهه المريحة ..
عيناه العميقة كمحيط

لا حدّ له ، ولا نهاية ..
يشُّدها إلى الأسفل ..
لتغرق
وتغرق أكثر ..
أنفه الشامخ كَحُبه لها لم يتغير قطّ ..
ومُحّياه الهاديء المبتسم ..
تفاصيل وجهه الصغيرة وتلك الخطوط الجانبية أسفل دقنه ،
وعرق وحيد أعلى حاجبيه

لايظهر إلا قليلاً حين يبلغه الغضب ..
وجهه حين يضحك لايشبه الوجود ..

كصورة إحترافية قلما تلتقطها عدسات المصورين !

تفاصيله الصغيرة تخشى أن تفقدها في خيالها أيضاً ..

روحه مازالت تسكن فؤادها حتى وإن تلاشت أحلامها كأحلام اليقظة وانتهت !
بقيَّ هو يسكنها في ثوب حداد أسود ،
لم تنتهي مرارة فقده بعد ..
وكأن روحها انتزعت يوم صعدت روحه لخالقه ..
وإنقضى عمره مع عمرها ..
لم تزل في خريف العمر ..
تنتظر سقوط وُريّقاتها شيئاً فشيء ..

الفقد موجع بل وموجع جداً ..
يعلمنا كيف  نتحدث معَ الجمادات حولنا ..
وَكيفَ   نكتَبُ  للرآحلين وَ كيفَ    نهذي  معَ  الأطياف !
يعلمنا ،،
كيفَ   نتألّمُ : بصمت  كيفَ   نشتاقُ ..
بصمت  وَ كيفَ    نتكلمُ  ..بصمت ..
يعلمنا ،، كيفَ   نوزِّعُ   الإبتِسآمآت   الكاذبة ..
وَ كيف.  نكرّر   أَنا  بخير  كلّ  صبـآح !
يعلمنا ،،
كيفَ    نتقنُ    حبسَ    أنفسنـآ  عن  البكاء  إلى  أنْ..
نرتمي  على  وسائدنـآ  ليلًا !
ونتناول كوب ماء و حبة من شريط أقراص النسيان ..
علّ قلوبنا تهدأ وتستكين ..
وت غ ف و ..

7 تعليق على “غفوة

مفلح الصاطي

قرأت النص أكثر من مرة ومرة
كان كقهوة صباح مرة لكنها ضرورية للإفاقة

نص إن استطعت أن تمنع نفسك من زفرات الآه حتى تكمله فقد أوتيت صبرا

نص مملوء بالتفاصيل السريالية التي تغرد بعيدا لكن عن واقع مهموم

حقيقة ولا أقولها مجاملة ؛ لي فترة طويلة لم أقرأ كهذا نص وبهذا العمق

سلم قلم الكاتبة وأرجو ألا تتوقفي عن الإبداع

محمد الرايقي

ماشاء الله تبارك الرحمن
وسلمت الأيادي التي كتبت هذا النص
الرائع والمميز
نشكر الكاتبه على جمال نصها وروعة كلمتها

سارة الصحفي

نص يستحق أن يدرس
ليكون شاهد على كيف للانسان الصادق ان يترجم مشاعرة لتصل للقارئ
عبارات .. كلمات .. أحرف عندما تقرأها تسير خيالاتك معها، وكأنك تعرف أبطالها
تتسمر عند بعض المقاطع ، وكأنها تمثلت أمامك،تكمل قراءته بحرص ودقة ثم بالتأكيد ستأخذ غفوة.
أبدعت في ربطك بين اهتراء صورة ، وتوجس فقدان ملامح اصحابها
لا …بل أبدعت في جميع النص .. ولتستمري ولا تغيبي عنا

Saeed

قطعة ادبية من طراز رفيع
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تعجز ان تقول قصةَ خيال اوحقيقة
تعجز ان تقول هي القصيدة
تعجز ان تُبحر بخيالك في عالم الاحزان
تعجز ان تسميه سحرا او أعجاز بيان
انها غفوة غفوناها ليت انا لانفيق

حلم رمادي

مفلح الصاطي / بوركت وجزاك الله خيراً ع ثنائك الجميل هنا ..
محمد الرايقي / أشكر لك هذا المرور وبارك الله فيك ..
الغالية سارة الصحفي / أخجلني ثنائكك و حسن إسلوبكك وجميل عباراتكك
لا عدمت مرورك دوماًً مع خالص إحترامي لگِ
Saeed / بوركت مروركك الكريم هنا وجزاك الله خيرااً

غير معروف

مااجمل قلمك

أم روز الحقوي

لم تكن مجرد أحرفٌ كُتبت
ولم تكن فضفةً نُثرت
بل هي خاطرة أليمة بكل تفاصيلها
وُلدت من رحم المعاناة
عانقت روحي من الداخل
وكُلٍ ماألم بي من ألم
ولامست كل جُرحٍ بداخلي كبلسمٍ
ضمد جراحي بسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *