من الرمضاء إلى المنبر

‏بلال بن رباح، مولى أبي بكر الصديق، أول من أظهر إسلامه بمكة، كان عبداً لبني جمح من قريش، قيل أنّ أصله حبشي، وأمَّه ؛ حمامة ، أمةً ؛ لبني جمح ، عذبه سيده أمية بن خلف ، عندما أعلن إسلامه، واشتد عليه العذاب،وتفننوا في تعذيبه ، لأنهم لم ينالوا منه ما أرادوا ، في العودة عن دين محمد – صلى الله عليه وسلم، فألقوه في الصحراء،؛ على بطنه في الرمضاء الحارقة ، بل وضعوا الصخرة الكبيرة على ظهره، حتى بلغ بهم الحد، أن ربطوا حبلاً في عنقه ، وأمروا صبيانهم يجرونه ، في طرقات مكة ، وهو صابر محتسب، يقول ” أحد؛ أحد ” قد وقر الإيمان بشاشة قلبه، فهانت نفسه لله، حتى مرّ به أبو بكر الصديق، فاشتراه وأعتقه ، فعاش بلال حراً ، وهاجر إلى يثرب ، وفي غزوة بدر،يلتقي بسيده في الجاهلية ، وعدوه أمية بن خلف الذي كان يعذبه بغية أن يرده عن دينه ؛ فيمكنه الله منه فيقتله ، ولما شرع الأذان ، اتخذه رسول الله- صلى الله عليه وسلم. مؤذناً له ، فكان أول من صدع بالأذن بلال بن رباح، وشارك مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -الغزوات حتى فتح مكة، فيأمروه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يعلوا منبر الكعبة، ويصدع بالأذن ، وهكذا نرى أن العاقبة للمتقين ، من رمضاء مكة الحارقة معذباً ، إلى منبر الكعبة مؤذناً ، ولما توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أبى بلال أن يؤذن لأحد بعده ، قيل أنه في مرة ناشدوه أن يؤذن، فأذن بلال، حتى بلغ” أشهد أن محمداً رسول الله” فأجهش بالبكاء ، وما استطاع أن يكمل الأذان ، لعله تذكر الحبيب – صلى الله عليه وسلم – فاشتاق للقائه ، عاش بلال بعد ذلك معززاً مكرماً مجاهداً ، بعد الإبتلاء والذل الذي لحقه من أجل دينه ، حتى توفي رضي الله عنه وأرضاه .

وهكذا ، كل من صبر ، على دينه ، ونصره بالتمسك به ، واتباع سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – نصره الله في الدنيا والآخرة .

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي

تعليق واحد على “من الرمضاء إلى المنبر

محمد حميد الصحفي

شكرا جزيلا لكم يا دكتور على المقال التربوي الهادف للصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *