سلمان يرسم خارطة العالم بإتقان

كثير من الزعماء في العالم حكموا فترة من الزمن للبلدان التي قدر لهم الله حكمها أيا كان هذا الحكم إسلام أو غيره , ولكن قليل منهم وقليل جداً من يحدث تغييراً مميزاً قد يكون إيجابياً وقد يكون عكس ذلك ويحدث جديداً في صفحات التاريخ ويسطر إنجازاته بحروف من ذهب على قالب من حجر لاتتأثر بعوامل التعرية ولاتتغير بل تزيد بريقاً ولمعاناً كما تقادمت ومرت عليها عقود وقروناً كثيرة.

فمثلاً سليمان عليه السلام وذو القرنين وبختنصر وفرعون والنجاشي ومحمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومعاوية رضي الله عنهم والحجاج وعبد الرحمن الداخل وهتلر وسليمان القانوني والملك عبد العزيز آل سعود الذي وحد شعوباً وقبائل ينظر لها باستحالة التوحد تحت راية واحدة حيث كانت قبائل شتى متباعدة في الأماكن ومختلفة العادات والتقاليد ..

وحدها لتكون مملكة متماسكة في نسيجها لتكون أبدع مايكون.

وجاء أبناؤه من بعده تباعاً الملك سعود والملك فيصل الذي أحدث تغييراً إيجابياً على المستوى المحلي والعربي والاسلامي والعالمي ولايزال يذك ويشكر ، ومن ثم الملك خالد الذي بدأت تنطلق في عهده أنذاك آفاق التنمية لتمتد لعهد الملك فهد الذي أنجز في عهد العديد من مرافق التنمية على كافة المستويات ، وتم التعامل مع العديد من التهديدات والمخاطر ثم يستلم مقاليد الحكم الملك عبد الله رحمهم الله جميعاً , ويتم التركيز على الجوانب الاقتصادية وتنشأ المدن الاقتصادية والتوسع في الجامعات…

إلى أن استلم الراية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز ليتقدم إلى القيادة ويمتطي صهوتها وهي أشبه ماتكون بسفينة في بحر هائج والامواج تتقاذفها , يأتي وهو محمل بخبرة حكم أكثر من خمسين عام قضاها حاكماً للرياض العاصمة ومصاحباً لابيه وأخوته الملوك من قبله.

وبدأ بتغيير البوصلة ورسم خريطة جديدة للدولة وطريقة إدارتها والايمان الجازم بضخ الدماء الجديدة والشابة فيها من الجيل الثاني للأسرة المالكة وهنا لنا وقفة تأمل عند هذه المرحلة.

وهي أن العالم كله كان يراهن على حدوث المشاكل والصراعات في السعودية بعد الملك عبد الله يرحمه الله وفي مقدمتهم دول الغرب إلا أنه عندما نام الناس في عهد الملك عبد الله ليلهم ذاك وصحوا في عهد الملك سلمان وكأن شيئاً لم يحصل سوى الحزن الذي خيم على الجميع لفقد رجل عزيز على الوطن وأهله.

ومن ثم بدأت مرحلة التخطيط المدروس للتغيير والتطوير والحفاظ على هذا الكيان الغالي والرقي به الى اعلى المستويات.

بدأت مرحلة ضخ الدماء الشابة استعادة المكانة للدولة السعودية محلياً وعربياً واسلامياً وعالمياً ووضعت الخطط لقطع أيادي المفسدين والوقوف في مسار التيارات الهدامة ، وفي مقدمتها المجوس وأتباعهم ومن والاهم وبدأت القرارات الحازمة مع الوزراء والمسؤولين المقصرين والغير منتجين ليبدأ الكل يفكر في المنصب ومتطلباته وأنه مسؤولية وأمانة ومساءلة من المجتمع والمسؤول ، فمن لايخدم فليسترح ويترك غيره يتقدم ولاوراثة في المنصب والوظيفة ، مماترك أثراً إيجابياً  لكل مجد ومجتهد ممكن بسهولة يصل لأعلى المراتب وهذا يفجر الطاقات ويزيد من الابداع لدى معظم العاملين ليتنافسوا في الابداع في تقديم الخدمات للمواطنين وهذا بحد ذاته إنجاز رائعاً لأن فيه تغيير لنمط التفكير التقليدي.

وبدأت مرحلة البناء الجديدة للدولة وفقاً لرؤية المملكة 2030 الشاملة وانطلق خادم الحرمين والمحمدين العضيدين نحو الهدف يحثون المطايا ويسارعون الخطى غير آبهين بالصعوبات ، بالرغم من أن ظروف المنطقة السياسية والأمنية والاقتصادية في معظم الدول العربية والدول الأخرى ظروف غير جيدة ، إلا أنه كان موفقاً – يحفظه الله – في حلحلة تلك التحديات التي تواجه السعودية والمنطقة، فقد كان حاضرًا في الغرب والشرق ولم يهمل الشمال ولا الجنوب ولم يسمح للخطر بأن يستفحل و بحث عن مصالح المملكة العربية السعودية في كل مكان من العالم، تقابل وواجه كبار قادة العالم بكل ثقة واعتزاز ونظر ودرس الاقتصاد السعودي جيداً مستعينًا بالله ثم برجال الاقتصاد والتخطيط على كافة المستويات محليًّا وعالميًّا، ليرسم للدولة خريطة طريق اقتصادية وفق رؤية سعودية ، ويعطي إشارة الانطلاقة لخطة التحول الوطني بكل ثقة، وأنجزت أعمال تحتاج لعقود من الزمن فواجه العديد من الجوانب وسن و اعتمد لها التشريعات المناسبة بعد دراستها من قبل المختصين .

وسنرى بإذن الله- قريباً بوادر نتائج التحول الوطني تنعكس على الموطنين بشكل إيجابي ، وإن تلك الخطوات والقرارات لم تبن على أنها حلول مؤقتة، إنما حلول بعيدة المدى مستفاداً من ما حدث في كثير من دول العالم مثل سنغافورا وماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي تضاعف ناتجها المحلي عشرات المرات خلال سنوات، بفضل تبني رؤية مناسبة لكل بلد من تلك البلدان تناسب مقوماتها ومقدراتها.

طبعا هذا الحراك والتطور لن يريح الأعداء والحاسدين والحاقدين أبداً ولن يصمت أعداء السعودية عن التشكيك ومحاربة هذا التوجه الذي كانت السعودية بحاجه له منذ زمن بعيد والزمن كفيل بفضح الاعداء تباعاً ، وكلنا شاهدنا وسمعنا وقرأنا انبهار العالم أجمع بهذا التوجه والفكر، “ومع هذا سيكون التحدي الأكبر نحو تحقيق أهداف تلك الرؤية هو قدرة الكفاءات التي تعمل على تنفيذها في كل قطاعات الدولة، ومدى استيعابهم لمتطلبات التحول الوطني، الذي يتطلب جهدًا كبيراً يغير من سلوك المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وفكريًا وعلميًا ليتحول التبذير إلى تدبير.. والسطحية إلى عمق والجدال إلى توافق والجهل إلى معرفة “.

والسبيل إلى ذلك من خلال تطبيق قيم ديننا الحنيف في حياتنا اليومية قولاً وعملاً من خلال التعامل بالصدق والرحمة والنظام والأمانة والعمل والاحترام لكي يكون كل إنسان مجموعة من القيم وإسلام يمشي على الأرض.

الفكر أهم من المال والرغبة الصادقة والطموح تشعل الفكر ، وكلها لدينا ولله الحمد ، والتكامل بين الدول العربية والاسلامية والتعاون بينهم عموماً وبين كافة أفراد المجتمع يجعلنا في غنى عن الغرب في كثير من الأمور أو على الأقل يجعلنا في مكان القوي ونقايضهم بالمثل وتبادل المصالح والمنافع ونحمي حقوقنا، لأننا في عالم وزمن لايتورع إلا عن القوي ونحن ولله الحمد أقوياء بالله ثم بديننا ورجالنا ومالنا وعلمنا ومصادرنا التنموية ومراكزنا الاستراتيجية.

فلا نهزم أنفسنا بالاحباط والتشاؤم والتطرف ولامكان بيننا لمن يحمل هذا الفكر, نحن طموحون وننظر الى القمة واذا وصلنا اليها نتربع ولا احد يزيحنا ونعمل للبقاء إلى ما شاء الله ، ونعيد النظر فيما بنينا وخططنا لنتطور ونتفاعل مع كل جديد ومفيد ، فليكن كل منا ناصح قوي أمين في مكانه الذي قدر له أن يخدم فيه ويقدم شيئاً من الوفاء لهذا الوطن الغالي المملكة العربية السعودية بقيادة ملك الحزم سلمان بن عبد العزيز آل سعود يحفظه الله ونائبيه.

 

د. حمد حمدان البشري الحربي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *