خليص والتاريخ المنسي ( 2 )

قراءة في الذاكرة

أشرنا في المقال السابق للمكان = خليص ، ونعني به الموقع الذي أدخله التاريخ ، وما استتبعه في مخيلة المؤرخين كمحطة في طريق الهجرة ومسالكه ، وتتصل أسبابها بالحجاج والرحالة .

عيّنت خليص نفسه ، ولم نشمله كمحافظة . وللإختيار وجاهته ، فالمشاريع التنموية على اختلاف ماهياتها نشطت داخل حدود خليص الإفتراضية على مستوى العمل الفردي والمؤسسي .

وبتحريك الذاكرة للوراء تجد أمامك مسردا من الأوائل في ( التعليم – الصحة – البلديات – المكاتب الزراعية – الإمارة … الخ .

يلحق بهذا السبب – تعيين المكان – اتساع إمارة خليص = المحافظة حاليا ؛ فليس في قدرة الباحث أن ينصف كل هذه المراكز التابعة لخليص ، وما حظيت به من إسهامات أعادتها إلى واجهة الأحداث ؛ وحتى إن هو حاول فلن يتجاوز التاريخ الوصفي للظواهر والأحداث كما هي موجودة في الواقع دون توثيق وتفسير وتحليل عميق . ذلك أن الكتابة للتاريخ هي مضايفة الحدث للحدث ، واشتباك مع الحركة الخطية في صيرورتها وعبورها .

كانت مركزية خليص حارة المغاربة بثقلها الإقتصادي والنخبة من رجالها . وقبل أن نسهب في تفاصيل هذه المقولة نلفت النظر إلى المسمى = حارة المغاربة ؛ فلم نعرف ( حيا ) على امتداد المحافظة لازمته هذه التسمية وتبناها أهله كمثل حارة المغاربة

. وفي التعريف : الحارة منطقة سكنية معينة ، غالبا ماتكون مألوفة لأهلها ، وتتميز بخصوصيتها وتماسكها الاجتماعي . فإذا ماعرفنا أن مصطلح ( الحي ) يحمل بمفهومه الشامل مضامين أوسع من الحارة ، وأنه منظومة حياة متكاملة يجري تشكيلها لترتقي بالمجتمع وأنماط معيشته : أمكننا أن نقول مطمئنين أن ( الحارة ) أقدم من ( الحي ) في المنشأ والمنشط . وأنها غالبا ماتقوم على وحدة النسب والتجانس وأسلوب المعاش .

ونخلص للقول : أن خليص مغربية عرفت بهم ، وعرفوا بها ، وأن المركز حارة المغاربة ، ومانشأ حولها من الأطراف عشوائيات : أزيل بعضها ، وصودر بعضها لعدم صلاحيته للسكن ، وهجر أهلها البعض الآخر ، وانتقلت الأغلبية لمشاريع الإسكان الجديد . وستبقى خليص مغربية كمثل جدة حضرية ، وستبقى غران صحفية كمثل مكة قرشية !!!

محمد علي الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “خليص والتاريخ المنسي ( 2 )

غير معروف

وستبقى خليص مغربية كمثل جدة حضرية ، وستبقى غران صحفية كمثل مكة قرشية !!!
؟!

غير معروف

مقال إبداعي

أبوعابد

شكراً لكاتبنا الكبير مقالاته الراقية طرحاً وفكراً ومحتوىً..
ما استشفيته من خلال هذا المقال (وقد أكون واهماً) أن هناك محاولة أو محاولات لطمس ما يسمى حارة المغاربة من ذاكرة المحافظة، وإحقاقاً للحق منذ كنا صغاراً ارتبط في أذهاننا خليص بحارة المغاربة. كما ارتبطت غران بالصحاف، وأم الجرم بالشيوخ، … الخ.

غير معروف

أرجو أن تسمح لي سعادتك بمداخلة قد تكون ليست من صلب الموضوع لكن الشيء بالشيء يذكر ..
لو كان الاحتكام إلى التاريخ لكانت غران هي المحافظة ، وخليص وماجاورها تابعة لها ولكن التنظيم الإداري له معاييره التي ليس التاريخ من أولى اعتباراتها.

عبدالله الطياري

استاذنا ومعلمنا دروب الحرف وخوض المعرفة ، اعتقد لارتباط اسم حارة المغاربه بخليص يعود الي جذور بداية نشاءت هذه ” الحارة” وارتباط أهلها بمكة وبالحارة المكية مع قوافل الحجيج لانهم هم الأقرب والاصق بخدمة الحاج من باقي أهل خليص الآخرين منذ “عين” خليص التي كانت محطة من محطات توقف الحجاج عليها ومكانها معلوم ومعروف مكانها حتي اليوم بشمال خليص حيث العين العزيزيه
واعتقد ولا استند حتي هذه للحظة الي مصدر تاريخي الي ان مسمي الحارة سكن ذاكرة أهل ” خليص ” هو يعود الي اندماج اهلها بخدمة الحاج وثقافة مكة وأهلها
واجزم واستند الي التحليل الواقعي أن تأثير مكه وثقافتها علي أهل خليص كان والي نهاية الثمانيات ميلادية أعمق من تاثير جده وان خطفت جده هذا التأثير من مكه إلا أن يبقي لمكه التأثير الاقوي
وملخص ذلك يعود لمسمي حارة ” المغاربه” لهذا الاستنتاج، الي أن الله يهديني الي مصدر تاريخي موثوق يفكك اصل هذه التسمية ، لكنها تبقي تسمية جميلة لأهلها ولذاكرة خليص وكما قلت ستبقي خليص مغربيه وغران صحفيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *