خليص في التاريخ المنسي ( 5 )

قراءة في الذاكرة
في العام ١٣٧٩ – ١٣٨٠ هجرية على وجه التقريب – على قياس السنة الدراسية = يلحق آخرها بأول مابعدها – كنت طالبا بالصف السادس في ابتدائية أسامة بن زيد بخليص – المغاربة .

ذاك الزمن الوحيد والأول الذي رأيت فيه خليص كطفل تعلق الأشياء بذاكرته غير مكتملة . ولم يكن التحاقي بالدراسة اختياريا ؛ فقد كان ضروريا لمن يدرسون بالمدارس الأهلية ، ويرغبون مواصلة التعليم – وأنا من أهل القرى الذين هاجروا للدراسة ثم العمل والاستيطان.

وقريتي لاتختلف هي الأخرى – مثلي أنا – عن بقية القرى المنزوية في ظل الجبال ، والرابضة على الأودية ؛ غير أن المشيئة التي تأتي – وكنت تشاؤها ، وتجهل أوانها ، غالبا ماتكون هي ذاتها تحولا خيرا في سير الأماكن والأشخاص . وقد كان صاحبها المؤرخ والأديب محمد علي مغربي – رحمه الله .

كان العام ( ١٣٧٢ ) على وجه التقريب – يزيد سنة أو ينقص سنة . وكان عمري ست سنوات تزيد شهورا أو تنقصها أياما … فهو عهد بعيد لا أعي تفاصيله الآن ؛ ومثل ماهو زمن بعيد كان المكان بعيدا أيضا : قرية أم الجرم ؛ حيث وضع الرجل الفاضل محمد علي مغربي حجر البناء الثاني ( مدرسة أهلية تلتزم بالمناهج الرسمية ) بعد أن وضع ( جدي ) الشيخ عبدالصمد بن محيي الدين الشيخ حجر البناء الأول ( الكتاب = المعليمة ) في بادرة تنويرية ، تأسس عليها جيل من القراء ، وتعززت أحلام الإستزاده في طلب العلم …

وفي عام ( ١٣٨٣ ) هجرية تأسست أول مدرسة حكومية بأم الجرم . وبذلك توقفت مرحلة من تاريخ صنع الكفاءة ، بفعل مبادرات إصلاحية تعجب عند استعراضها من مدى أفق أولئك الرجال .

وسلمت منجزها للقادمين ؛ لكنها ستبقى في ناصية التاريخ المفتوح … ولن ينقطع حبلها الموصول من عمق العتمة إلى مشارف النور .

أما أنا فقد أكملت المرحلة الابتدائية في خليص – كما أشرت سابقا – وقد سبقني أخي الأكبر ، وتزوج بإبنة ( خالنا ) الشيخ حسن بن عبد الصمد الشيخ ” وأقول يقينا ، أن أي أحد من جيلي ، ومن قبلنا ، ومن بعدنا حتى اليوم : وليس للشيخ في وعيه وذاكرته من لمعة وأثر حكاية ” وامتد بي الحال = زوجا ومعلما ومديرا لنفس المدرسة في الفتره ( ١٣٩٥ و ١٣٩٦ ) هجرية .

وما كنت بحاجة لمثل هذه لإشارات في ( السيرذاتيه ) لولا ضرورة السياق ؛ فأنا ابن خليص المدلل ، وشاهد العصر منذ انطلاق الحركة التعليمية ؛ حتى عروجها آفاق الكمال .

تأسست على أوائل المعلمين السعوديين – في أول تجربة بأقل كفاءة وتكلفة . وأكمل نقصها الإخلاص ، والشغف ، وشرف المهنة ؛ ثم أصبحت – مع التوسع – كمثل الجامعة العربية – نخبة من الوافدين – وانتهت بالنخبة الوطنية وسعودة كامل ( كوادرها ) هذه اللوحة هي ذاكرة خليص المحفوظة في متخيلة الرواة كحدث عابر .

وتغيب عن المشهد التاريخي – كونها البنية الواقعية التي قامت عليها إسهامات الجيل والتحديث التنموي على مسرح الجغرافيا ، وخرائط المركز والأطراف .

ونحيل الراغبين في تفصيل إحداثيات التعليم في الفترة من ١٣٧٢ إلى ١٤٢٥ هجرية إلى دليل التعليم بمحافظة خليص – فكرة وإعداد الأستاذ عبدالرحيم بن مساعد المغربي مدير مركز الإشراف التربوي بمحافظة خليص ، والأستاذ حامد بن غيث المزروعي معلم الاجتماعيات بمدرسة الهجرة المتوسطة .

 

 

محمد علي الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “خليص في التاريخ المنسي ( 5 )

الحربي

المعليمة لم ترتبط بتاريخ معين ولا شخص معين , بل هي موجودة بصفة معلم مستأجر من اهل القرى بين مكة والمدينة لتعليم القرآن وأبجديات الكتابة منذ الأزل , .
كل الشكر للأستاذ ومجتمعات غران وام الجرم بالذات يعرفونه جيداً من خلال اجتهاداته في سبيل رفع معاناة الطلبة ؟؟

ابو هاشم

أشار الاستاذ انه كان فتى خليص المدلل ؛ ولم يذكر ان تلك المحبة من مجتمع خليص له كانت تقديراً لمكانة والده الشيخ علي ابن عبدالله المصباحي (شيخ قبيلة المصابيح) واحتراماً لمكانة عمه الأمير عزيز ابن عبدالله المصباحي الذين كانت تربطهم بمجتمع خليص روابط قديمة وراسخة , ولم يهتم مجتمع خليص بأن خاله حسن الزيلعي او انه تزوج أبنت خاله .

ابو هاشم

دولتنا حفظها الله شجعت على التعليم بكل السبل حتى لقد كانت تصرف مكافاءات شهرية للطلاب في المرحلة المتوسطة والثانوية من طلبة غران وام الجرم والبرزة والخوار وقديد , كانت المكافاءات كافية لأن تكاليف الحياة حينها كانت بسيطة ، الفضل والشكر لله ثم حكومتنا التي لم تتزخر جهد في اعلا شأن المواطنين جميعاً .
الكتابة امانة والتاريخ لا يجامل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *