قراءة في الذاكرة
بدأ تعليم البنات على استحياء في خليص في عام ١٣٨٥ هجرية على وجه التقريب – يزيد ولا ينقص – أثناء إمارة سعد بن نفيسه . وكانت ابنتاه ( منيره وفاطمه ) على درجة متواضعه من التعليم ، ودرجة عالية من فهم حاجة المجتمع النسوي إلى القراءة والكتابة . كانتا معلمتين هدية الصدف في السبع العجاف ؛ كأنما التوقيت ضرب لهما موعدا : فكون أبوهما أميرا سهل مهمتهما ، وعزز ثقة الناس فيهما ، وخفف من التحفظ .
يرجع ( عبدالله الوشمي ) القلق والتوجس من تعليم المرأة لعدة أسباب ” فتعليمها يقتضي خروجها من البيت إلى المدرسة ، ومن الحياة المغلقة إلى الانفتاح على معارف جديدة ، ومن المعتاد إلى المثير ، ومن طمأنينة أحكام المجتمع والعائلة إلى المؤسسة ”
ولم تكن فضيلة هذه المبادرة مخرجاتها التعليمية ؛ فهي لم تطمح إلى منجز ، ولم تستهدف شريحة كبيرة . إنها بين ( الكتاب والتحفيظ ) أشبه بالدروس الخصوصية ؛ وقد كان أصحابها يدركون بعد الغاية … وضعف إمكانياتهم ، وربما – التعليم بمقابل ، جعل القبول نوعيا ، وحدّ من ( كم ) المتقدمين .
نستأنف القول في أنه لم تكن فضيلة هذه المبادرة مخرجاتها التعليمية – ؛ بل أنها أدخلت مفهوم ( تعليم البنات ) دائرة المتداول ، ولم يعد صادما في دوائر الممانعة الدينية والإجتماعية .
” هذه توطئة وإشارة عابرة في تعليم البنات ، وأحسب أنها صنعت ذاكرة بخليص عند كثير من الراصدين ” لكن معركة الحسم أدارها الشيخ مساعد بن عبدالرحيم المغربي . ” وكان دوره المحمود في تعليم المرأة يشكل تحولا في المجتمع الذي يتربص بكل طارئ على منظومة عاداته وتقاليده التي تمسكت ببعض جاهلية تأصلت في غفلة من استشراف المستقبل ، وغياب الوعي بأهمية تعليم المرأة ومخرجاته .
والشيئ بالشيئ يذكر ؛ فقد قامت بموازاة المدرسة الصباحية للبنات : مدارس مسائية لربات البيوت ؛ وحتى نستوعب الأمر ونضعه في مصاف الإنجازات الخالدة نشير إلى أن بعض خريجات المدارس المسائية = الليلية كما كانت تسمى – أكملوا تعليمهن في المعاهد ، وباشرن تدريس بناتهن ، وحلوا محل الوافدات ” ومثل ماذكرنا ( منيرة وفاطمة ) في مرحلة التأسيس ، نذكر ( صبحية شبير ) و ( مجيدة فارس ) في مرحلة البناء قبل ملأ الشواغر ، وسعودة الوظائف التعليمية والتربوية بجيل توشح بالأخضر ، وكتب اسمه على ناصية التاريخ …
محمد علي الشيخ
مقالات سابقة للكاتب