🖋️ تأتي الوصية دائماً من الموصي نتيجة المحبة والإخاء ، والإشفاق والإخلاص كما قال الشاعر:
ألا من مُبلغٌ عني يزيداً
وصاةً من أخي ثقةٍ ودود
والوصية هي عهد يؤخذ على الإنسان في مواضع النصح والإرشاد، والحث على الفضائل، والأخلاق الحسنة، وفعل الخيرات، وترك المنكرات واجتنابها.
وإن الوصية النافعة لا تصدر إلَّا من محبٍّ ناصحٍ صَادقٍ مُخلص، ولذلك حرص النبيُّ ﷺ على نُصْح أصحابه وأمته بكلِّ ما فيه خيرٌ لهم من أمور الدِّين والدُّنيا، فليس هناك مَن هو أشدُّ حُبًّا للخير منه، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
وإن وصايا النبي ﷺ طيبة نافعة مباركة، جامعة لمعاني الخير، ومكارم الأخلاق ‘ والصلاح والهدى.
ومن وصاياه ﷺ مايلي:
🔸تقوى الله سبحانه وتعالى : وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقايةً ؛ بفعل ما أمر الله به ، وترك ما نهى الله عنه”.
لقوله ﷺ : “اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ “.
رواهُ التِّرْمذيُّ.
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في كتاب “الفوائد” (ص ٥٤) : “جَمَعَ النبيُّ ﷺ بين تقوى الله وحُسن الخُلُق؛ لأن تقوى الله يُصلِح ما بين العَبدِ وبين رَبِّه، وحُسن الخُلُق يُصلِح ما بينه وبين الناس، فتقوى الله تُوجِب له محبة الله، وحُسن الخُلُق يدعو الناس إلى محبته”.
وتقوى اللهِ خيرُ الزادِ ذخراً
وعند اللهِ للأتقى مزيدُ
🔹إقامة الصلاة: وهي أدائها في أوقاتها والمحافظة عليها وإقامتها وتركُ الشواغل إذا نُودي إليها كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾.
وقد كانت وصية النبي ﷺ لأمتهِ حين خروجهِ من الدنيا المحافظة على الصلاة وهي آخر وصية من وصايا النبي ﷺ عند سكرات الموت: “الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ “.
وأَرِحْ فؤادكَ إن شعرت بكربة
في جَنَّةِ الرَّكعاتِ والسَّـجداتِ
*****
فهنا تفرج عنكَ كل مصيبة
ويَعيشُ قَلبُكَ أَسْعدَ اللحظاتِ
🔸سؤال الله العفو والعافية: وهي من الأدعية المباركة التي كان النبيُّ ﷺ يُحافظ عليها كلَّ صباحٍ ومساء؛ بل كان لا يَدَعُها ويوصي بها، ومَنْ أُعطِيَ العافيةَ في الدنيا والآخرة؛ فقد كَمُلَ نصيبُه من الخير؛ فعن أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق – رضي الله عنه – أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ”.
واكتبْ بخطِّكَ إنْ أردتَ عبارةً
ربَّاهُ لا شيء يُساوي العافِيه
🔹الرحمة: أوصى النبي ﷺ بالرحمة وكان رحيمًا بجميع الخلق، وكان يحث على الرفق واللين في التعامل معهم.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه: ان النبي ﷺ قال: “الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.
🔸الإخلاص: وهو شرط لقبول الأعمال لقوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}.
وقد وصى النبي ﷺ بالإخلاص في العمل وهو مفتاح القبول عند الله تعالى، وأساس كل عمل صالح، لقوله ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
🔹الأمانة: وهي من وصايا النبي ﷺ في حجة الوداع حيث قال: “وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا “.
وقد جعل الرسول ﷺ الأمانة دليلاً على إيمان المرء وحسن خلقه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ ﷺ إِلاَّ قَالَ:لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ”.
أرعى الأمانة لا أخون أمانتي
إن الخؤون على الطريق الأنكب
🔸الكلمة الطيبة: هي كل قول حسن يدخل السرور على النفس، ويجبر الخاطر ويزرع المحبة في النفوس، ولها أثر عظيم في الدنيا والآخرة، وهي من وصايا الرسول ﷺ حيث قال: ” الكلمة الطيبة صدقة “.
ويترتب عليها الأجر العظيم في الدارين وهي مفتاح لقلوب الآخرين.
حُسْـنُ الكَـلَامِ .. كَمِـثْلِ العِطْـر فَوَّاحُ
إِنَّ القُلُـوْبَ .. بِطِيْـبِ القَـوْلِ تَــرْتَاحُ
*****
فخـلِّ ثغـركَ بيـنَ النَّـاس .. مُبْتَسِمًا
مَنْ أَبْهَجَ النَّـاسَ .. عَنْـهُ الهَمُّ يَنْزَاحُ
*****
فاجْعَلْ حروفَك .. بالأفْـرَاحِ ناطقةً
حسنُ البيانِ .. لبـابِ الحـبِّ مفتاحُ
🔹الوصية بالنساء: وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرًا، وحث على حسن معاملتهن، والاهتمام بشؤونهن لقوله ﷺ: (استوصوا بالنساء خيرا..) متفق عليه.
أي: اقبلوا وصيتي فيهن، واعملوا بها، وارفقوا بهن، وأحسنوا عشرتهن، وتواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن.
وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتآلف القلوب.
وهذه وصايا النبي ﷺ لأمته تبين لنا حرصه عليها ورحمته بها وصدق الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
🔘إضـــــــ💡ــــــــاءة:
تجسد لنا سيرة النبي ﷺ حرصه على أمته ووصاياه لها، وأن الإمتثال لوصاياهُ والتمسك بها سبب للنجاة والثبات في الدنيا والآخرة لقوله ﷺ: ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي”.
مقالات سابقة للكاتب