خليص في التاريخ المنسي ( 9 )

قراءة في الذاكرة 

يشغل ( المواليد ) حيزا كبيرا في التركيبة السكانية لحارة المغاربة ، ليس بكونهم مكونا منفصلا ؛ بل جزءا من النسيج الاجتماعي .

وهي حالة فريدة في خليص – بالمقارنة مع سواها في أماكن أخرى ؛ حيث يعيش هذا الفصيل ( دونية ) في التراتيبية الإجتماعية . وحتى تقرأ هذه الحالة من منظور تاريخي واجتماعي عليك أن تستحضر بعض المصطلحات : التي تشير إلى حالات مختلفة مع وجود اختلافات في المعنى والإصطلاح .

فإن كانت بعض المصطلحات  تشير إلى حالة عامة عند بعض الأفراد؛ حيث يكون الشخص لا يمتلك أي شيئ .  لكنه قد يمتلك بعض الأشياء أو الأراضي مقابل خدمات ، أو ضريبة معينة . إذا استحضرت هذه المعاني فلن تجد في لفظ ( المواليد ) مايشير إليها ؛ ربما تشاطرها بعض المجتمعات التسمية ، لكنها لا تبلغ درجة الاحتواء والتماهي والمكانة والإندماج والمساواة التي يحظى بها ( مواليد خليص ) في البنية الإجتماعية .

ومن المعيب في الأخلاق والخادش للمروءة ، استدعاء مسميات او مصطلحات، ولعلك تجد في مصطلح ( المواليد ) حالة إنسانية تلمس في روحك الحبل السري للولادة ؛ كأنما المذكورين من أهل بيتك .

وقد كانت تطلق على أبناء الأسبانيات المتزوجات من العرب فترة الفتح الإسلامي للأندلس ؛ حتى الأسماء = عيد – موسم – عطيه – حسين – عابد – محمد – عبدالله – علي – راجح – سعيد – ثلاب – عائض – عاتق – نادر – ناهر … إلخ ) تجد فيها اختيارا غير ما ألفته العرب ؛ فقد كانت ” غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزائن خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه ؛ إما من الوحوش كأسد ونمر ؛ وإما من النبات كحنظلة ؛ وإما من الحشرات كحية وحنش ؛ وإما من أجزاء الأرض كفهر وصخر “

تمددت سوق النخاسة في المملكة العربية السعودية وخاصة إبان تبعية الحجاز للإمبراطورية العثمانية . وكانت جزءا من النسيج الاجتماعي والإقتصادي للمنطقة . ثم بدأت في الإنحسار نتيجة التحولات الإجتماعية ، والتشريعات الدولية ، وتغير في الأنساق الثقافية ؛ حتى تم إلغاؤها بمرسوم ملكي من جلالة الملك فيصل في ٦ نوفمبر ١٩٦٢ م الموافق ٨ جمادى الآخرة ١٣٨٢ هجرية .

بقي ( المواليد ) يشكلون نسيجاً مجتمعياً مع جيرانهم  يراعون حاجاتهم ، ولم ينقصوهم تقديرهم ، ولم يخلوا بشروط التعامل في فرائض الواجب وتكاليف المعاش . بقوا قريبين بكامل حريتهم المكفولة قانونا وأخلاقيا ؛ غير ملزمين بمجانية الخدمة إلا مارأوه يحقق منفعة ، أو يضمن أمانا وجوديا لعائلاتهم .

شارك ( المواليد ) في النشاط الإقتصادي ، وقد  صنعوا تكتلا موازيا ومكملا للأنشطة الإجتماعية ، وخاصة ، مايتعلق بالترفيه كإحياء الأفراح وفن الطبخ ؛ حتى أصبحوا يتحكمون في تحديد مواقيت المناسبات كمثل الفنادق والقصور الآن – تتطلب سابق حجز .

وتعزز هذا التكتل – بقبول اجتماعي ، ومباركة الشريف تركي الحارثي محافظ محافظة خليص آنذاك ، وموافقة حكومية رسمية – حتى أخذ طابع ( القبيلة ) يمثلها شيخ منهم ( الشيخ هزاع المولد ) ينوب عنهم في الدوائر الحكومية . والمناسبات الوطنية التي تجمع مشايخ خليص ، ولا يفضلونه إلا بقدر مايمنحهم من أسبقية ، وحشمة تجذرت في طرائق التعايش ، ونمت كمداخيل حساب التوفير …

أخيراً : ليس لدينا شهادة – سوى استثناءات شحيحه – بمثابة دليل للإذلال الإنساني بخليص . صحيح ، ترسبت بقايا إشكالية اللون في الوعي الباطني على مستوى النخب والعامة من زمن جاهلي ، وبعضها تسلل كشعور مراوغ – وبريء – خارج أقواس المعلن من الحكاية : عندما عادت ( إحداهن ) من بلد الإبتعاث بمؤهل عالي كتب ( أحدهم ) إلى ولده : ” لم تكن أمك حرة يوما مثلما هي اليوم ” !!!

 

 

محمد علي الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “خليص في التاريخ المنسي ( 9 )

غير معروف

ويبقى السؤال هل المواليد اصحاب البشره السوداء ام من كانت لهم ظروف معينه،،، وهل الظروف المعينه كانت تخص اصحاب هذه البشره فقط علما ان الفتوحات الاسلاميه كانت شمال الجزيره العربيه

حامد داخل المغربي

تلك امة او (حقبة) خلت لها ما لها وعليها ما عليها؛
نحن الان نتمي الى قبيلة السعودية بارك الله فيها
وعلينا ان نعزز هذه الوحدة عبر النشاطات المختلفة
وابرز هذه النشاطات التي تعزز الوحدة الاجتماعية هو النشاط الرياضي:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *