هذا المقال تتمة لفكرة مقال سابق بعنوان “حديث الكتب” والمنشور بتاريخ ٣١ يناير ٢٠٢٥م .

والذي أسعى فيه إلى تقديم شيء مفيد من خلال إنتقاءاتي من الكتب التي قرأتها في عدة مجالات علمية ومعرفية متنوعة.

ومن تلك الكتب القيمة التي انتقيتها لكم أيها القراء الأعزاء مايلي:

◾️ الكتاب الأول “ومضات ” لمؤلفه الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد وهي أشبه بالخواطر والأحاديث العابرة التي تجول في النفس ، وتعمل في الذهن ، وتدور في الخيال ، وقد اخترت منه عدة فوائد لعلها تنال إعجاب قرائي الكرام :

🔸 الخاطرة الأولى : وهي تحت عنوان “كبير وهو لا يدري ” (ص ٢٥) وقد “وصف فيها الصحابي كعب بن زهير رضي الله عنه رسول الله ﷺ حينما دخل عليه المسجد في أصحابه مؤمنًا تائباً ، وكان كعب يومئذ أقرب عهدًا بالشرك ، وأوغل في معرفة مظاهر ملوك العرب وسادتهم ؛ إذ هو الشاعر ابن الشاعر ؛ فإذا هو يقول بين يدي رسول الله ﷺ يصف مجلسه:

لقد أقوم مقامًا لو أقوم به
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيلُ

*********

لظل يرعد إلا أن يكون له
من الرسول بإذن الله تنويلُ”

ومن ضمنها :

‏نُبئت أن رسول الله أوعدني
‏ والعفو عند رسول الله مأمولُ

*********

‏لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم
‏أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويلُ

*********

‏إن الرسول لنور يُستضاء به
‏مهند من سيوف الله مسلولُ

🔸الخاطرة الثانية : تحدث المؤلف في هذا الكتاب تحت عنوان ( جفوة لا سبب لها ) (ص ١٠٨) قائلاً: “أن تقلب المزاج ، والاستسلام للعوارض النفسية الحاضرة _ سبب لضيق النفس ، وفتور العلاقات.
كما أن سعة الصدر ، والتماس العذر ، وتدبر العواقب ، واحتمال الجفوة _ تورث العزة ، والكرامة ، والمحبة في القلوب ، وتعيد الأبق إلى سالف المودة ، وجميل الإخاء .

جفا الصديقُ فناجيت الفؤادَ بأن
يبيت في جفوة تلقاء جفوته

*********

أبى وقال أصون العهد متئداً
فرُبَّ ودٍّ صفا من بعد غُبرته

*********

عاد الصديق فأصفى ودَّه فإذا
حديث نجواي منسوخٌ برُمتهِ

*********

إن تلقَ طبعاً رقيقاً فاغرسنَّ به
مودة يُسقها من ماء رقته “

🔸الخاطرة الثالثة : بعنوان “ساعات الصفاء”(ص ٣١ ، ٣٣) ذكر المؤلف فيها بأن “الوقت رأس مال الإنسان وساعات العمر هي أنفس ما عني بحفظه .. وأنَّ من ساعات الصفاء التي لا ينبغي التفريط فيها تلك اللحظات التي تواتيك فيها القريحة، فتجد نفسك استعداداً للكتابة ، أو التأمل ، أو التفكر ، أو تدوين بعض ماتريد تدوينه من نحو بحث ، أو تحرير ، أو تسطير بعض ما يعرض لك من تجارب ، أو خواطر تحصل لك من تجارب ، أو خواطر تحصل لك من جرَّاء سكون القريحة ، وعدول التأمل ، وصفاء النفس”.

◾️ الكتاب الثاني :بعنوان “التمثل بالشعر” من مؤلفات الدكتور محمد الحمد ، وهو عبارة عن مجموعة مضارب ، تحت كل منها شاهد أو أكثر من الشعر ، وانتقيت منها بعض الشواهد الشعرية (ص ١٥ – ١٦) وهي كالتالي:

🔸المضرب الأول: إذا أثنى على رجل يبتسم وهو في غاية الضيق أنشد :

ولربما أبتسم الكريم من الأذى
وفؤاده من حرِّه يتأوَّهُ

أو أنشد :

ولي كلَّ ما يبكي العيون أقلَّه
وإن كنت منه دائماً أتبسم

🔸المضرب الثاني :وإذا أرسل إلى أحبته على البعد كتب :

بَعُدتَ ونفسي في لقاك تصيد
فلم يُغْنِ عنها في الحنان قصيدُ

*********

وخَلَّفت ما بين الجوانح غصة
لها بين أحشاء الضلوع وقودُ

أو قال :

كتبتُ ولو قدرتُ هوىً وشوقاً
إليك لكنتُ سطراً في الكتاب

🔸المضرب الثالث : وإذا تاق إلى صديق غائب عنه أنشد:

فإن يك عن لقائك غاب وجهي
فلم تَغِبِ المودةُ والإخاء

*********

ولم يغبِ الثناءُ عليك مني
بظهر الغيب يتبعه الدعاءُ

*********

وما زالت تتوق إليك نفسي
على الحالات يحدوها الوفاء

وربما قال :

شوقاً إليك تفيضُ منه الأدمع
وجوىً عليك تضيق عنه الأضلع

◾️الكتاب الثاني للمؤلف : عبدالله بن أحمد المغلوث بعنوان (غداً أجمل ) تحدث فيه عن بعض المواضيع والأفكار الصغيرة التي شبهها بالوقود تفاؤلاً لغدٍ أجمل بإذن الله تعالى ، ومنها :

🔸من جلَّ أفكار المؤلف التي تساعد على أغلب الصعوبات وتقليص التوتر ما كان تحت عنوان (كيف تتصدى للتوتر) (ص٣٢) ذكر فيها بعض الإقتراحات المفيدة ومنها:

-اقرأ القرآن الكريم ، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب } ، مجرد قراءة القرآن الكريم تنبعث في أرجائك الراحة ، ويسكن الإيمان عروقك ،ويتحسن مزاجك ،ويتوقف نزيف قلقك .

-فضفض مع صديق تحبه وتقدره ، شخصيًا إذا تضايقت وتوترت ألجأ إلى الله عزوجل ثم أصدقائي فارتاح ، إن الأصدقاء هدية عظيمة ، يمنحوننا بهجة لا تنضب وسعادة لا تنقطع وفرحًا لا ينام .

-لا تحاول أن تقرأ ما في صدور الناس ولا تحكم على النوايا .

-معظم الأشياء التي تخاف منها لا تحدث أبدًا.

🔸ذكر المؤلف في كتابه “غدًا أجمل” (ص ٤٠) عدة خطوات عن إتخاذ القرار وهي كالتالي :

الخطوة الأولى: صلاة الاستخارة: تساعدك على أختيار قرار أفضل بمشيئة الله تعالى ، يبعث في أعماقك طمأنينة تجاه قرار مقابل قرار ، تسهل مهمتك المعقدة وتجعلها أكثر سهولة ويسرا .

الخطوة الثانية : تخيل أنك تنصح صديقاً واتبع نصيحتك .

الخطوة الثالثة : لا تشاور الكثير من الأشخاص حول الموضوع ، القليل فقط .

الخطوة الرابعة : لا تتخذ قراراً عاطفياً .

🔸ثم ذكر المؤلف بعض الخطوات التي تعزز ثقتك بنفسك (ص ٨٨) وهي كالتالي :

الخطوة ١: الكفاءة الذاتية ؛ هي شعورنا الداخلي بقدرتنا على إنجاز مجموعة متنوعة من المهام والأهداف في جميع مراحل الحياة .

الخطوة ٢: دوّن سعادتك ، أكتب الأشياء التي تجعلك سعيداً، مثل قربك من صديق ، الصحة التي تنعم بها ، الأسرة التي تعيش معها .

الخطوة ٣: لا تقارن نفسك بأحد .

الخطوة ٤: خِف من خوفك ، فلا بد من مواجهة مخاوفك ، لا شئ يستحق خوفك وقلقك .

◾️ الكتاب الثالث للمؤلف: عبدالرحمن بن ساير الشمري تحدث في كتابه (30 ركيزة لحياة أسرية سعيدة ) عن عدة ركائز التي تختصُ بشؤون الأسرة ومنها مايلي :

🔸 الركيزة الأولى بعنوان (سلسلةُ الحلم ) : تحدث فيها الكاتب ” ما من شئ يوقع في النفس الندم مثل الغضب .
وما من شئ من شأنه أن يهدم كل علاقة ويجعل بينك وبين الناس بعداً ومسافة مثل الغضب ، فهو نارٌ متقدة تحرق صاحبها وكلّ من حولها متطاير شررها على الجميع ، وهو عصا غليظة تُسبب الأوجاع النفسية لحاملها قبل أن تصيب من استخدمتْ ضده .
وكما قال ابن القيم رحمه الله تعالى : (إنّ الغضب كلبٌ ، إنْ أُفلتَ أتلفَ) .

🔸الركيزة الثانية بعنوان ( أطلق عِنانَ المشاعر الطيبة) :
من المعروف أنّ نفس الإنسان تتكون من ثلاثة عناصر مجتمعة لا انفكاك بينهم : المشاعر والتفكير والسلوك.
حيثُ تناول الكاتب حديثه عن “المشاعر ” وقال معبرًا عنها أنها من مكونات نفس الانسان ، فمن الطبيعي انها تزيد وتنقص من شخص إلى آخر ، والذي أعتقده أنه يجب على كل واحد منا أن يُحرر مساحةً لا بأس بها للمشاعر في نفسه فهذا رسول الله ﷺ مع عظمته وعُلوّ مكانته وكثرة أعماله كان يعبِّرُ عن مشاعره أمام أصحابه بكل سهولة ، الم يبكِ عندما مات الصبيُّ بينَ يديه ؟ولمّا أستغرب من حوله بكاءَهُ قالوا ما هذا يارسول الله ؟ فقال: ( هذه رحمةٌ جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحمُ الله منْ عباده الرُّحماء) .

🔸الركيزة الثالثة بعنوان ( الحِوارُ ) : ذكر الكاتب في هذه الركيزة بأن الحوار مهارة الحياة ، يحتاج إلى تدريب ذاتيٍّ ، أيْ على كل فرد منا أن يُدربَ نفسه على ذلك.
نعم قد يجد من الصعوبة في البداية ولكن عليه بقَسْر نفسه والصبر وستكون النتائج فعلا مُذهلة .

وبعد هذه الجولة الممتعة بين حدائق الكتب المزهرة بفوائدها وفرائدها الرائعة نختم هذا المقال وأعد قرائي الكرام بمقال جديد لإتمام هذه السلسلة عن الكتب.

🔘 إضـــــــ💡ــــــــاءة:
نصيحةٌ لقرائي الكرام: لا تجعل قراءتك قراءةَ سلوةٍ واستمتاع ، بل قراءةَ فهم وانتفاع.
‏ثم لخّص ما قرأت , واجعل للفوائد والعبارات عنوانًا , ليسهل عليك حفظ الفوائد والرجوع إليها , ثم ضع في الهامش ما يجول في خاطرك من تعليق أو نقل متعلّق بالفائدة , ثم اكتب أمام الفائدة أو العبارة التي لخصتها رقم الصفحة.
‏فيكون الكتاب صديقك وأنيسك وغذاء روحك وعقلك وقلبك.

منى الشعلان

الخميس ٦ صفر ١٤٤٧هـ
٣١ يوليو ٢٠٢٥م

مقالات سابقة للكاتب