قيمة الوقت

يعد الوقت أثمن ما يملكه الإنسان في حياته، وهو عمره، ورأس ماله، وميدان وجوده، ومساحة ظله، وبقائه، فكل دقيقة تمر على الإنسان تدنيه من نهايته، لذا فإن هدر الوقت يؤثر سلباً في حياة الإنسان، وقدرته على تحقيق النجاح، والتقدم.

فقيمة الوقت من القيم التي ترقى بالإنسان ثقافياً، واقتصادياً، وحضارياً، وتعني: المقدار المحدود من الوقت، والذي يكون فيه المرء محاسباً على أعماله التي قدمها، وتبدأ بعد التكليف إلى نهاية حياته في الدنيا.

ولا شك أن للوقت في الإسلام أهمية عظيمة، وقيمة عليا، فهو نعمة من نعم الله عز وجل على عباده، يقول تعالى: (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)، كما أقسم الله تعالى بالوقت في القرآن الكريم، وذلك لدلالة عظمته، وضرورة الاهتمام به، يقول تعالى: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ…)، وهو من أول الأمور التي يسأل عنها العبد يوم القيامة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل،…)، كذلك حث الإسلام على ضرورة اغتنام الوقت قبل فوات الأوان، واستغلال وقت الفراغ في النافع المفيد، يقول عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

وقد تميز الوقت بعدة خصائص، منها: سرعة انقضائه، فهو يمر مر السحاب، والذي يمضي منه لا يعود، ولا يعوض، فعقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الوراء، فثمن قيمة الوقت أنه وعاء لكل عمل وإنتاج.

لكن كثيراً من الناس لا يدرك قيمة الوقت، فيضيعه فيما لا فائدة فيه، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، من أبرزها: عدم تحديد الإنسان لهدفه، وتأجيله لإنجاز عمله، والمماطلة به، وأيضاً الدخول على وسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعتها ليلاً ونهاراً، فتأخذ جُلَّ وقت الإنسان، وتشغله عن أداء مهامه الحياتية، التي سيسأل عنها يوم القيامة، كذلك مشاهدة القنوات الفضائية، وما تبثه من أنواع البرامج، والمسلسلات، وغيرها، من البرامج غير الهادفة، وعديمة الفائدة على الإنسان.

لذلك يجب على الإنسان أن يبتعد عن هدر وقته النفيس، وأن يتجه إلى استغلال وقته، ليجني ثمرات جَمَّة، من أهمها: بركة الوقت وسعته، وتطوير الذات، وزيادة المهارات، وتحقيق التطلعات المستقبلية، والأهداف المراد تحقيقها، وإنجاز المهام بوقت أسرع، وبمجهود أقل، ومن ثم التقليل من حجم الأخطاء التي قد تنجم، وذلك بإدراك الفرد لقيمة الوقت، الذي يعتبر أساس الحياة، وعليه تقوم الحضارة.

✍️د. سارة بنت إبراهيم الشهيل

عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود

أكاديمية وكاتبة

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *