الزواج نعمة من الله ، سكنٌ ومودة ، وعطف ورحمة ، ومحبة وانجاب ، وكل شاب وفتاة ، منذ الوصول لمرحلة البلوغ ، ينشد هذه النعمة ، ويتمناها ،ويفرح بها ، وهذا النهج الذي عاش عليه الآباء والأجداد ،وكان الهدف السائد عندهم ، العفاف وتكوين الأسرة الصالحة ، من البنين والبنات ، والفرحة بهم ، لأنهم من زينة الحياة الدنيا ، ولا ربط عندهم بين الزواج ومستقبل الشاب أو الفتاة
فإن لديهم اليقين ، والتوكل على الله ، في الحصول على الرزق ، ومصدر الدخل ، وأن الله هو الذي يغنيهم ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، والله واسع عليم )
حتى دخلت على الأسر الحضارة والمدنية ، والتشبث بالحياة الدنيا وزينتها ، فربطوا زواج الشاب ، بالوظيفة ، والحصول على مرتبة عالية ، والسعي للحصول على سكن ، وكل هذه أهداف سامية ، لكنها طويلة الأمد ، لذا يبلغ الشاب من عمره أكثر من ٢٥ سنه بل البعض بلغ ٣٠ من العمر ، وهو يسعى في تحقيق تلك الأهداف الطويلة ، ولم يتزوج بعد والشريعة الإسلامية ، عندما شرعت الزواج ، وحثت عليه ، تنشد العفاف والسكن والاستقرار ، والتكامل الأسري ، الذي يحقق المودة والرحمة بين الزوجين ، إذا الزواج ليس مشروعاً نؤخره ، حتى نحقق كل تطلعاتنا من وظيفة أو سكن ، فهذه أمدها طويل وقد تتحقق كما نريد ، وقد لا تتحقق ، فالزواج ، قد يكون واجباً على المقتدر حال خوف الشاب أو الفتاة من الفتنة والانحراف ، وقد يكون مستحباً ومقدماً على النوافل ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
”يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج …. متفق عليه
وإننا نلمس في زمننا هذا ، من يدعو إلى تأخير الزواج بدعوى – النضج ، أو الاستعداد النفسي والمالي ، وإن كانوا في الحقيقة مستعدين ، ومستطيعين لتحصين أبنائهم ، بل بعض الشباب يطلب الزواج ، ويقابل بالرد ، من أبيه أو إخوانه ، كوّن نفسك ، واحصل على الوظيفة ، وأمنّ لك سكناً ، بعدها فكر في الزواج ، والله يقول ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) حاثاً على النكاح والاستقرار والسكن ، هذه هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، والواقع الميداني شاهد ، لمن التزم بوصية الله تعالى ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم ، في الالتزام بشرعه في قضية الزواج والتحصين للأبناء والبنات ، فكم من شاب تزوج ، وفي نظرنا المادي ، لا يستطيع أن يواكب الحياة ومستلزماتها ، فأغناه الله من فضله ، وأصبح ، متفوقاً على أقرانه الذين ينتظرون تحقيق الأهداف الطويلة ، من وظيفة وسكن ، ثم يفكرون في الزواج ،
ومما لاشك فيه ، أن تأخير الزواج للشاب والفتاة ،مع القدرة والاستطاعة من ولي الأمر والشاب ، يفضي إلى مفاسدة ، كثيرة ، وخاصة عندما يعيش الشاب والفتاة ، في فتنّ ، عظيمة تعرض عليه ليلاً ونهاراً ، لا يستطيع التحرز منها إلا من عصمه الله ، فتحصين الشاب والفتاة ، في وقت مبكر، يحقق لهما ، السكن والراحة ، والاطمئنان النفسي ، والشعور بالمسؤولية ، وتكوين الأسرة ،
وتلافي القلق والاضطراب ، وقد بينت بعض الدراسات النفسية ، أن التأخر في تكوين الأسرة، من أبرز أسباب القلق الاجتماعي ، وعلى هذا فإن تأخير الزواج ، بدون سبب اضطراري ، ينعكس على الشاب والفتاة ، بالاضطراب النفسي ، والقلق والتوتر ، واليأس والقنوط ، وربما يولد ذلك للتفكير في الانحراف والمعصية ..
عصم الله أبناءنا وبناتنا ، من كل الفتن ، ووفقهم وأعانهم ، على تحصين أنفسهم ؛ بالزواج الشرعي ، والاستقرار النفسي ، ورزقهم الذرية الصالحة ، وأقر أعين آبائهم بصلاحهم واستقامتهم .
د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي