خليص في التاريخ المنسي ( ١٦ )

قراءة في الذاكرة

أفرح، كأنما تباركون إنجازًا هامًا – وليست همسة في أذن زمنٍ مسروق من رفوف النسيان – كلما قرأتُ أو سمعتُ، مباشرة أو نقلًا، ملاحظةً سلبية أو إيجابية حول ما أكتب على صحيفة غراس، وتحت العنوان المثبّت والجامع.

ولم أكن أنا الوحيد الذي يغمره هذا الإحساس بالقراءة؛ بل هو متلازمة لكل أصحاب هذه الهواية. فالتعقيب – قولًا أو كتابة – أو لنسمي الأشياء بمسمياتها: النقد، هو الدليل على أنك مقروء، وأن موضوعك يلامس انشغالات الناس في النسق الثقافي، والدفاع عن مكتسباتهم. وكل قارئ يعيد كتابة النص حسب ذائقته وزاوية فهمه.

تعالوا نتصالح، أو بمعنى أدق: نضع بعض التفاهمات! والشرط في مثل هذه المداولات أن تُستبين وجهة نظر الكاتب، ومعطيات فكرته بعيدًا عن التصنيفات المسبقة:

1. ينبغي الإقرار بأنها اضمامة خواطر، وليست مقالات أو بحوثًا تاريخية. وليس لها مرجعية غير الذاكرة لأحداث تاريخية منسية، وناس مرّوا من هنا.

2. لا علاقة للقبلية أو المناطقية بما أكتب. وقد جاء – وتردد – ذكر “المغاربة” لأني عشت بينهم منذ عام 1383هـ: جارًا ونسيبًا؛ فزوجتي من بطن مغربية. كنت طالبًا، ثم معلّمًا وإداريًا بمدارسهم. وتشكلت شخصيتي وموارد ذهني في حيّهم يوم كانت خليص “الحلم الأمريكي” للراغبين في تحسين حظوظهم. المغاربة “بسيطون جدًا؛ لكنهم اختاروا زاويتهم، وصنعوا سعادتهم، وابتسموا للحياة والعابرين.”

3. الأنساب والقبائل مناطق شائكة وملغومة، لا تدخل في هذه السياقات البسيطة، ولا نملك ارتيادها. فهي جدلية تاريخية، وما اقترب كاتب – حتى النسّابة – من فصل القول فيها إلا وانزلق في حياضها. على سبيل المثال: المؤرخ الشيخ عاتق غيث البلادي في تصنيفه عن قبيلة حرب.

4. ونزيدك من التاريخ كتابًا: ذكرنا في الجزء الأول من سيرة الشيخ حسن بن عبدالصمد (ص 117–118) ما يلي:
“لم تكن خليص منفصلة عن ذاكرة الشيخ حسن بن عبدالصمد؛ فقد عاش بها جده الشيخ محيي الدين ووالده الشيخ عبدالصمد فترات زمنية متباعدة ومتواصلة. وعاش بها ومات ودفن عمه الشيخ عبدالرحيم وأخوه شاكر، ولهم بها ملك متوارث. ومن المؤكد أنه زارها أكثر من مرة. لذا لا نستبعد وجود علاقات خاصة ومميزة تربطه ببعض الأسر المغربية.”

وبزواجه من آل عجين وآل هزاع تشكل الضلع الثالث من مثلث الشراكة المجتمعية: (آل عجين – آل هزاع – آل مرعي) في حي المغاربة بخليص، الحي الذي اختاره الشيخ حسن بن عبدالصمد مقرًا لإقامته الدائمة.

 

“فلا تلوموني في حب عائشة”!

ويقول قيس بن الملوّح:

> أمرُّ على الديار ديارَ ليلى
أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبُّ الديار شغفن قلبي
ولكن حبُّ من سكن الديارا

 

وأنا أخالف أخانا قيسًا في الشعور: فقد شغفني كلا الاثنين معًا؛ الديار وليلى.

 

 محمد علي الشيخ

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “خليص في التاريخ المنسي ( ١٦ )

النمر الصريح

بس هذا اللى كتبته عن المغاربة ليه ماتطرقت للقبيلةمن جميع النواحي مثل ما سبق الإيجابيات والسلبيات ولا بعض القبائل خط احمر وبعضها تذكّر السلبيات اكثر من الإيجابيات
القلم امانه

قلم رصاص

آل هزاع ليسوا مغاربة ، بل قبيلة مختلفة المسمى ( الشعبيات ) ، يبدوا أنك قلمك الرائع الجميل الذي أثرى هذه الصحيفة الرائعة أنزلق بدون علمك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *