أمنك مهرب؟!

أين أذهب منك؟ أمنك مهرب أو اختباء؟
أعصيك وألجأ إليك،
وما بعد الجرأة والضعف، إلا حياء وانكساراً بين يديك، أقف بين يديك في كل مرة ويملأ صدري الحزن والألم،
بفكر شارد وقلب خائف،
يملؤني الذنب وأنا التي أعلم بأنه ما استقام لي حال إلا بفضلك،
وأني ما عصيتك إلا بنعمك التي أنعمت علي،
وأني كنت على مرأى منك وأنت البصير السميع، أهكذا يجازى من أحسن وأكرم ومن أجزل بالعطايا، ومن هدى وأجتبى وأصطفى،
أطيل في سجودي علها تطهرني من ذنبي وتزكيني، وأتابع في توبتي واستغفاري علها تشفع لي عندك فترضى وتقبلني،
أستغرق في تأملي في عظمتك وملكوتك فتزيد في قلبي هيبتك،
فيزيد ذلك في ألمي وحزني وتأنيب ضميري،
وأذوق حلاوة قربك فأتجرع مرارة الألم لما اقترفت وابتعدت،
فأعاهد نفسي وأعاهدك ألا أعود وأعود وأنت تعلم لأنك العليم الخبير،
تذهب لذة المعصية وتبقى حسرات الذنب باقية تنهش في صاحبها إلى ما لطف الله به،
يذهب بصيص النور الذي أذنبت به فتلحقك ظلمات ذنبك تفسد قلبك وتقعدك عن العبادة،
فإن فرطت في شيء من الدين لا تعتقد أن تفتح لك أنوار الهداية في باب آخر،
كل شيء له ثمن،
وذنوبك تأخذ من هدايتك وتوفيقك وتنقص من نورك،
تقوى الله تكون في كل شيء،
والصدق في اتباع الله في كل ما أمر،
واجتناب كل ما نهى عنه،
وصدق الانقياد والخضوع إليه وتعظيمه والتسليم له، يظن العبد أنها معصية تتبعها توبة،
ونسي أن الله عقابه شديد مؤلم،
وأنه سيتجرع ما يتجرع مما يبتليه الله به ليطهره ويغفر ذنبه، ويعاقبه على ظلمه،
فهل يستشعر العبد حين يهم بالذنب أنه لن يحتمل عقوبة الله،
وأنه في غنى عن عذاب الله له،
فينصرف عن الذنب ويبدل حسنا،
فيستقيم حاله،
ويبقى في مأمن تحت ظل رحمات ربه ورضوانه، تضيق بي الأرض بما رحبت، فلا يعود لي بها هناء ولا سرورا،
الطريق مظلم والقلب مذنب،
أنا العبد المخطئ والمذنب الذي ليس له مفر منك إلا إليك،
وليس له طريق نجاة إلا طريقك،
لا شيء أحن وأرحم علي من إقبالي عليك،
وتوسلي لك أن ترضى عني وتغفر لي،
وأنت الرحمن الودود الغفور الحليم العفو الكريم الذي لا يرد من أتى إليه،
فكيف إن أتى إليك فقير منكسر خال من كل شيء إلا منك، يلتمس رحمتك وإحسانك،
وأنت الجبار الذي تجبر من أتى إليك منكسرا،
وأنت القوي الذي يؤوي من أتاه ضعيف،
وأنت العزيز الذي تعز من أتى إليك وقد دنسته خطاياه فأصبح في لجتها ذليل،
وتبدل حاله وتعزه بعزتك،
أتى إليك بضعفي وحزني،
أتى إليك بكل محاولاتي الفاشلة،
بجهادي الذي ما توانى أن صبرا،
فأبكي بين يديك وأسألك أن تشرح صدري وتغفر لي، أتيت إليك مجردة من حولي وقوتي،
مسلمة لحولك وقوتك،
أن تعينني على إصلاح سريرتي وعلانيتي،
وأن تصلح حالي،
أن تكرمني بالتقوى وتجعلني من عبادك الصالحين، وممن اصطفيت وأدنيتهم منك،
ممن فرغتهم للعبادة وللآخرة،
وصرفتهم عن لجج المعاصي والآثام،
وأكرمتهم بأن يكونوا من الأبرار،
وممن هم لهم عندك زلفى وحسن مآب،
وتهديني وتثبتني فتستجيب بفضلك،
الشعور بالبحث عن الله، وإيجاد الطريق إليه، وصدق المسير إليه،
ابدأ بإصلاح حالك وتفقد أحوالك وإصلاح قلبك وسريرتك ومراقبة الله، فلا تتبع الهوى، واتخذ دين الله هاديا ومعينا،
فإن كان ذنبك عقوقا فتعجل بالبر،
وإن كان تركا لفرض فتعجل بإقامته،
تمضي الدنيا بما فيها ويبقى لك منها عملك الصالح،
فالموفق من ضفر بالجوهر الباق وترك الفتات الفاني.

رحاب الوافي 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *