حُسن المُعاملة

قال الله تعالى : { إن ‏اكرمكم عند الله أتقاكم } .. أن هذا المقياس الرباني هو المقياس الذي يقاس بموجبه ‏التعامل بين الناس ، فلا فرق بين أسود ولا أبيض ، ولا عربي ولا أعجمي ، إلا بمقدار تقواه ‏و ورعه وخشيته من الله ‏، فمقياس التقوى ‏هو المقياس ‏الفيصل في التعامل بينهم ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا” ، ‏يقصد بلال بن رباح ‏الذي كان مملوكاً لأمية بن خلف ورفعه تقواه من الرقة إلى السيادة ، ومن ‏احتقار في نظر ‏أمية وغيرهم من قريش ، إلى ا‏لرفعة عند أبو بكر وعمر وغيرهم من الصحابة .

لم ‏تكن ‏الماديات عندهم بمقياس بل لا يلقون لها بالًا ، واليوم ننظر في حالنا مع بعضنا البعض وحالتنا مع غيرنا من أبناء الشعوب الأخرى ، فـ المقياس أصبح الماديات والشكليات دون النظر لآدمية ‏ذلك الإنسان ودون السبر ‏في غور الإنسان ‏الذي انتقصنا من قيمته وأهناه ‏‏بكلمة أو بضرب أو بأكل حقه ‏، وخاصة مع أخواننا أبناء الشعوب الأخرى التي قدر لها العمل لدينا ، فمنهم ذو نسب عريق ومجد‏ تليد و ‏مكانة مرموقة في بلده ‏، ولكن ظروف المعيشة في بلادهم أجبرتهم على الخروج منها ‏وتلمس العمل في بلدان أخرى ومنها بلادنا ‏، فإن احتقار وإهانة الأخوة المقيمين لدينا لهو أمر مرفوض ديناً وخلقاً لأننا كلنا مسلمون ودين المسلمون واحد .. إلا إذا أردنا أن ننسلخ من ديننا ونكون كما قال الله عن اليهود ( ليس علينا في الأميين سبيل ) .

وننظر إلى حال ‏القرون الأولى في كيفية التعامل مع الناس ‏، حيث كان التعامل ‏راقياً لم تحملهم مكانتهم عند الله وعند رسوله‏ أن يتعالوا على غيرهم ‏، بل كان دأبهم إكرام الضعفاء والوقوف معهم ، ‏فما الذي حدث ؟! .. هل ‏نفوسنا و خلقتنا و خُلقنا أفضل من ذلك ‏الرعيل الأول ، أم أن أولئك وضعاء ‏وضعفاء لا يفقهون شيئاً ‏ولا يميزون ‏وأن نظرتهم سطحية و نفوسهم دنيئة ‏؟! .. كلا والله فهم الأفضل في كل شيء .. نظراتهم بعيدة ومن شرفاء القوم وأعزهم نفساً وجاهاً ، فهل نحن أفضل من عمر حينما يقول “بلال سيدنا” ، ‏وهل نحن أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم حينما ‏قدر على أهل مكة وما فعلوه معه ‏من قبل قال لهم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” ‏.

يا أخواني .. أفيقوا من سباتكم وارجعوا إلى تعاليم دينكم ، وكيف كان أصحاب رسول الله ‏يتعاملون ‏مع أهل الأمصار عندما يقاتلونهم ، ‏كيف كان تعاملهم مع الأعداء في السلم والحرب ، اقرأوا تاريخكم جيداً وسير الأوائل من المسلمين حتى لا نقع في المحظور فعزة النفس في طاعة الله ورسوله واتباع تعاليم الدين الحنيف ‏لا على ما تهواه أنفسنا مدعومة من وسوسة الشيطان وإغرائه لكثير من الناس .. قال تعالى : { ‏لا يسخر قوم من قوم ‏عسى أن يكونوا خير منهم } .

عبد ربه المغربي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *