ثقافات إدارية بائدة !

كل مواطن سعودي حر شريف غيور على وطنه وشعبه ، هو بالتأكيد مؤيد لرؤية الوطن الجديدة بالاعتماد على أبناء البلد.

وقادة البلاد حفظها الله تؤمن إيماناً عميقاً بهذا المواطن وتضع في اعتبارها أنه لابد أن يأتي اليوم الذي تجني فيه حصاد تعليم المعاهد والجامعات التي شيدتها وأنفقت عليها ملايين الريالات ، لكن وبكل أسف هناك من أبناء جلدتنا يتربعون على رؤوس دوائر حكومية وخاصة لاتعير هذا الهاجس الحكومي أي اهتمام ، بل أنها ترسخ لمفاهيم مغلوطة وكأنها حقيقة مجردة ، وذلك من خلال تعاملها مع السعوديين العاملين تحت إدارتهم وتكسير مجاديفهم حتى قبل تبلل أقدامهم بماء النهر ، ولازالت أسيرة عقدة الأجنبي ، وتكرس جهودها للتقليل من قدرات المواطن وإنتاجيته وعدم الاعتماد عليه مهما كان تعليمه وخبراته .

و لا شك أن من كان هذا نهجه فإنه بعيد عن هموم الوطن وقاداته ، وعدم إيمانه بأبناء شعبه ، إنما هو نابع من اهتمامه بمصالحه الذاتية و سعيه للحفاظ عليها ، خوفاً من أن يبرز مجتهد ينافسه على مقعده ، أو أن لديه أمر مريب يساوم الوافد عليه نظير الحفاظ على بقائه بالبلد ، وكلا الأمرين هو إجحاف بحق الوطن وبحق المواطن ، ويعد نوعاً من الخيانة لهذا البلد الذي يقع على عاتق الجميع تقدمه ونهوضه وأن يعتمد على أهله بالسراء والضراء ، فالوافد مهما كانت خبراته سيرحل ويترك البلاد لأهلها يدبرون أمرهم.

والأمر الذي يحتار فيه العقل هو أنك تجد النهج العام في كثير من الجهات كأن السعودي صفر على الشمال والوافد هو صاحب الأمر والنهي حتى لو كان السعودي أكثر تعليماً وخبرة ، ثم يأتي صاحب العمل ليقول وبكل بجاحة “السعودي لا يُعتمد عليه وغير مواظب ولا يعطي إنتاجاً مثل الوافد !” .. ياسلام ! .. ألست أنت سعودي يامدير الإدارة وخريج جامعتها ومعاهدها ، أم أنك حالة خاصة.

وحتى لو أفترضنا أن إنتاج السعودي ابن الوطن أقل من الوافد ، فمن يأخذ بأيدي السعوديين ويطور إنتاجهم إذا لم يكن لديك الاهتمام بتطوير قدراتهم ،  و ربما أنت بأفعالك وآرائك أوصلتهم لحالة الإحباط؟!

والحقيقة المؤلمة أنك تجد الصورة بارزة بأماكن من المفترض أن يكون للسعودي فيها اليد الطولى ، مثل الشركات الكبيرة والمنشآت التعليمية والصحية التي تتطلب ممارسات ومهارات على السعودي إتقانها بحكم الاحتكاك  مع الوافد الذي جُلب إلى البلد أصلاً لتعليم أبناء البلد والاستفادة من خبراته ، لا أن نجعله يقيم ببلدنا للأبد وكأنه عالم ذرة ولا يمكن الاستغناء عنه .

واللوم هنا وبكل صراحة يقع ليس على المدير المستبد الذي يريد أن يظل الحال كما هو عليه ، ويعطي الرسائل لكبار المسئولين مافيه غيري ولد بهذا البلد ، فاللوم  يقع على الوزارات الغير قادرة على متابعة مثل هؤلاء المدراء وإفهامهم أن الوطن أهم من كل حسابات ضيقة ، وأن عزة الوطن تكمن في الوصول إلى حد الاكتفاء والاعتماد على الذات ، فعلاقات  الدول والشعوب متغيرة ويمكن أن تتبدل ، فمن يكون صديقك اليوم ربما يكون عدوك غداً ، وأن لا نجعل الوافد مهما كان اختصاصه وعلمه حجر عثرة لتقدم المواطن السعودي الذي لا يقل عن بقية شعوب الأرض بشيء ، فإدارة الوافد للسعودي مفسدة مطلقة مهما جمّلها بعض قاصري الفهم وجانب الصواب من ظنّ أنه سوف يزكي أبناء الوطن أو يعطي انطباع حسن عنهم خوفاً على مكانهم.

والذي يندى له جبين أن نرى الصور تتكرر في بعض وزاراتنا الخدمية مثل وزارة الصحة ، عندما نرى وافدين بها ذوي اختصاصات بلدنا تجاوزتها منذ سنين وهم لازالوا متواجدين يسرحون ويمرحون ، والسعودي نتيجة الثقافة البائدة كأنه لم يتعلم أو يدرس وجاء من خلف عنز بالمراعي.

إن المدير صاحب هذا الفكر وهذا المنهج هو غير أمين لوطنه بل هو عائق كبير لرؤيتها المستقبلية ٢٠٣٠ التي تريد تخرجنا من قالب الأمم الاتكالية إلى الأمم الراقية.

 

عايد عيد المحمدي

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “ثقافات إدارية بائدة !

ابراهيم مهنا

شكرا لكاتبنا طرح هذا الموضوع الذي نحتاج أن يكون الحديث عنه في هذه الفترة بالذات
ويظهر من وجهة نظري أن عدم الثقة في الموظف وعدم اعطاءه مجالا للابداع وتحمل المسؤلية يضعف الانتاجية ويفتر في حب العمل وفي الانتماء لجهة عمله .
هذا من جهة ومن جهة أخرى ربما الجانب المالي والرواتب دافعا لتهميش السعودي وإقصاءه

لؤي الحربي

قليل الشكر في حقك أ/عايد المحمدي على إنصافك للمواطن و للحقيقة اصبح هؤلاء اصحاب الصلاحية و السلطة في غالبية المناصب و سعيهم لتحقيق اهدافهم الشخصية . لكن اللي اقوله كثر الله من امثالك و من امثال كل من يهمه الوطن و المواطن .

عبداللطيف ملهى الحربي

مقال قمة الروعه والابداع فلاغروا فهو من كاتب قدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *