التعصب الرياضي

إن اﻹسلام يقر ويحض على الرياضة الهادفة النظيفة التي تتخذ وسيلة ﻻ غاية ، ومن حق الشباب وغيرهم أن يتمتعوا بالرياضة ويبنوا أجسامهم إذا كانت وسيلة ﻻ غاية ، واستمتاعاً ﻻتعصباً .

ولقد كثر التعصب بين أوساط الشباب في تشجيعهم للفرق والنوادي الرياضية ، ولو أننا رجعنا إلى توجيهات المربي والقدوة صلى الله عليه سلم وهو يضع لنا المثل الأعلى في الروح الرياضية ، فـ ياليتنا نعي تلك التوجيهات ، فـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كانت العضباء ( ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لا تسبق ، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها ، وكأن ذلك شق على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن المربي صلى الله عليه وسلم انتهز الفرصة ليعلمهم الروح الرياضية و يعطيهم درساً بأن الجلوس في القمة محال ﻻ يدوم ، وأن الدنيا دوارة و أن البقاء على نفس الحال من المحال ، فقال صلى الله عليه وسلم ( إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه ) ، وعندما سابق صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها في أول اﻷمر سبقته ، وفي الثانية سبقها ، وقال لها ممازحاً وبروح رياضية منفتحة “هذه بتلك” .

إن كرة القدم وتشجيع الفرق الرياضية فتنت وأشغلت الكثير من الشباب ، وسرقت أوقاتهم ، وألهتهم عن مهماتهم وواجباتهم ، بل أصبحت وسيلة للتفرقة وإشاعة العداوة والبغضاء والتشاحن بين بعض الشباب ، حيث أوجدت التعصب البغيض فهذا يشجع فريقاً وذاك يشجع آخر ، بل إن أهل البيت الواحد ينقسمون على أنفسهم ، فهذا يتبع فريق وذاك يتبع فريق آخر ، وليت اﻷمر يقف عند حد التشجيع فهذا أمر هين ، ولكن تعدى ذلك بأن يسخر بعضهم من بعض ، والله نهى عن السخرية وربما تطور اﻷمر إلى المشاجرات والاشتباك باﻷيدي وغيرها ، و أحياناً ينتقل العراك إلى البيوت والمجالس و أماكن العمل؛ ناهيك عن بعض ما يلاحظ من بذاءة اﻷلسن ووقاحة مابعدها وقاحة في العبارات و بعض الحركات والتخاطب بفحش الكلام وسيء اﻷلفاظ ، بل وصل اﻷمر إلى بصاق بعضهم على بعض والسب واللعن والقذف واﻹتهام في اﻷعراض .. إنها مصيبة وفضيحة أن يصل شبابنا إلى هذا المستوى من اﻹنحطاط الخلقي واللفظي .

وهنا نحذر من اﻹنجراف خلف التعصب الرياضي ولابد من وضع حد لبعض السلوكيات الخاطئة المصاحبة لتشجيع الفرق الرياضية والتي تنتشر بين الشباب بشكل مخيف ، حتى أنها حولت الرياضة من هواية وتنافس شريف إلى وسيلة لبث اﻷحقاد والمشاجرات وتدمير العلاقات والتفريق بين اﻷخ وأخيه ، والصاحب وصاحبه ، حتى أن التعصب الرياضي تسبب في طلاق الزوج لزوجته .. فكن مشجعاً خلوقاً منصفاً ولا تكن متهوراً عنجهياً .. روض نفسك على الأخلاق والمزايا الكريمة قبل أن تروض جسمك بالرياضة المفيدة ، واعلم أن التعصبات والمهاترات انحطاط في القيم واﻷخلاق فـ اربأ بنفسك عنها .. حفظ الله شبابنا و وفقهم لكل خير  .

 

حامد هاشم الصبحي
إمام وخطيب جامع عثمان بن عفان بالدف

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “التعصب الرياضي

توفيق الشابحي

لا فُض فوك أبا عبد الحليم فرياضة العقل تسبق كل الرياضات …. فياليت أهل التربية يكثفوا من حضورهم في هذه التجمعات لنشر الوعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *