دورة الدمار الشامل

كتب توبياس ستون خريج جامعة لندن وأحد الكتاب المتخصصين في التاريخ الآثار مقالاً مطولاً سرد فيه مجموعة من الأحداث والحروب التي مرت بها البشرية منذ أواخر العصور الوسطى ، ابتداءً من كارثة الموت الأسود الذي إجتاح أوروبا ، والمجاعة الأوكرانية والصينية ، والثورة الفرنسية ومابعدها من حروب وصراعات كحرب الثلاثين سنة ، وحرب الوردتين ، والحربين العالميتين وغيرها الكثير .. قُضي فيها على الملايين من الأرواح البريئة والآثمة أيضاً !  

استطرد الكاتب حديثه من منظور واسع – كما يفعل المؤرخون – وربط بين الأحداث التاريخية على مدى قرون؛ ليقول أن البشرية دائماً ماتدخل في دورة دمار شامل ، تارة يكون الإنسان سبباً في نشوئها ، وتارة أخرى تفرض الطبيعة جبروتها عليه لتلتهم الأرض الضعيف والعاجز منهم. 

ولكن دائماً ماتعود البشرية وفي كل مرة أقوى وأفضل من السابق ، قد لا يدرك ذلك من كان يعيش في وسط تلك الكوارث لأن الإنسان العادي لا يملك المنظور التاريخي الواسع ، فهو محصور مابين 50 إلى 100 سنة فقط .. فمثلاً كارثة الطاعون لوحدها قضت على 60% من سكان أوروبا خلال ثماني سنوات فقط تغير من بعدها – وأعتقد للأبد – منظور الأوروبيين للحياة وقيمة حياة الإنسان كما تغيرت كثير من نواحي العيش الأخرى؛ كـ تحسن جودة ونوعية الأكل وارتفاع الأجور لقلة الأيدي العاملة ، إزدهار صناعة العطور والصابون لإعتقادهم أن الرائحة العطرة تقلل من خطر الإصابة ، تطور المستشفيات والطبابة فقد كانت المستشفيات أماكن لمن لا أمل لهم في الحياة حيث يعتنى بالمريض – أو الميت لامحالة – روحياً لاجسداً.  

ماتمر به المناطق من شمالنا وجنوبنا من صخب وجلبة وعدم استقرار بالإضافة إلى التغيرات الداخلية الإقتصادية التى ستغير لامحالة تركيبة المجتمع وأسلوب حياته جذرياً ، كل ذلك سيكون – وكما رأينا عبر الأزمان بإذن الله – ماهو إلا مرحلة إنتقالية وسيعود كل شئ كما كان .. بل أفضل وأقوى سواء إجتماعياً أوإقتصادياً أوسياسياً أيضاً.

على المستوى الشخصي كل ماعلينا في هذه الفترة هو إستغلال الفرص الناجحة والتخطيط السليم للمستقبل حتى لا تلتهمنا الأرض مع ضعفائها.

 

م. حسام يحيى الصحفي
[ماجستير في التصميم الهندسي من جامعة لافبرا البريطانية]

 

مقالات سابقة للكاتب :
كبار السن والعزلة
تجارب ‪واقعية‬ وبحوث علمية في أثر المستودعات الوهمية
بيتك أخضر
سعادة الزبال
الاستدامة … تطبيقات (2)
الاستدامة وشكر النعم (1)
المصانع والمستودعات من ناحية هندسية إدارية

مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “دورة الدمار الشامل

عادي ومستعجل

لا جديد…كعادتكم متميز في الطرح متحرر في الفكر محيط بكل الثقافات
من الاخر …
انت غير?

Alsahafi

مقال جميل من شخصية جميلة ??

محمد صامل. الصبحي

رؤية منطقية جدا ، وأسلوب أدبي متميز ، ومنهج علمي حصيف .. كثر الله من أمثالك ، ونفع بك ، وبعلمك .

ابراهيم مهنا

شكرا مهندس حسام
نظرة تأريخية محفزة للتخطيط والترشيد والأمل والاستفادة من محطات البلايا والمحن
وفي التأريخ الاسلامي والعربي احداثا كثيرة غيرت مجرى التأريخ
فمن لم يستطع تغيير نفسه بنفسه وبإرادته فإن الأحداث كفيلة بتقديم الدروس المجانية
والمترفون غالبا لايخططون للحفاظ على ممتلكاتهم الا عندما يبدأ فقدها
أدام الله علينا نعمعه ووفقنا لشكرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *