العلم والإيمان توأمان ..

لقد لاحظت أن بعض الأطباء في الغرب أو الشرق ومن تأثر بهم عندما يحدثهم شخص عن الله أو عن المعجزات أو عن الأمور الغيبية ، فإن لديهم جواباً واحداً متفقون عليه ، يقول الفرد منهم “أنا طبيب أو أنا عالم مختبرات” ولا يعقب على كلامه ذلك ، ولكن من سياق الحديث يفهم المرء أنهم يعنون بأنهم لا يؤمنون بالأمور الغيبية ، وأنهم معنيون فقط بالمحسوس من الأمور ، وحقيقة لست أعلم لماذا يتبنى أكثرهم هذا الرأي ؟! ، وكأن الطبيب أو العالم الذي يعمل في العلوم الدنيوية وفي داخل المختبرات لا يجب عليه أن يؤمن بما آمن به العوام برغم اعتقادي أن هؤلاء هم من يجب عليهم أن يكونوا أكثر الناس إيماناً ويقيناً ، لما حباهم الله وكشف لهم ما لم يكشف لسواهم ، فمثلاً الطبيب عندما يحلل أعضاء شخص ما ويرى تعقيدات خلق هذا الانسان والدقة والابداع في تكوينه البنيوي الجسدي من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه – ولنترك ما به من شعور وأحاسيس لوهلة – فيجب على الطبيب أن يخر ساجداً أمام عظمة الخالق جل وعلا ، وكذلك عالم الفلك أو الفيزياء والكيمياء وجميع العلوم ، فإن الله يتجلى بعظمته في مختبرات العلم ، فهل هناك إهانة للعقل أكثر من أن تتجلى عظمة الله لهؤلاء العلماء ثم يخرجون من مختبراتهم فينكرون الخالق ويكفرون بالأمور الغيبية .

إن الله يتجلى في عصر العلم وليس هناك حجة لمنكر وجاحد .. يقول الله تعالى بعد أن بين لكل من أراد الحق وجاهد نفسه في البحث عنه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ، وهذه الآية حجة عليهم وعلى إنكارهم وجحودهم وهم من آتاهم الله العلم ليبينوا للناس ما أشكل عليهم .

إن أخشى الناس لله هم العلماء الربانيون بشتى علومهم ومعارفهم – أو هكذا يجب أن يكونوا – ،ولكن حين يسيطر الران على القلوب فإن البصائر يصيبها العمى ، وصدق الله اذ يقول ( إنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ، فكم من بصير بعينيه لم يستطع رؤية نور الله ، وكم من فقد بصره ولكن لديه من نور البصيرة ما يجعله من الأولياء العارفين بالله ، وأنا هنا لا أعمم أبداً وأرجو أن يكون ممن يحملون هذه الفكرة “شواذ” مع كثرتهم ، فإن هناك من الأطباء والعلماء الذين سبق ذكرهم من يقف خاشعاً متذللاً بين يدي خالقه معترفاً له بالفضل و راجياً أن يفتح الله عليه مغاليق الأمور .

إن الإيمان بالغيب فطرة تُولد مع الإنسان ويكبر معه ويزداد لكل من بحث وجاهد النفس .. فهل العلم يدعو إلى الايمان أم إلى الشك ؟! ، وأقولها مدوية أن العلم الصحيح الخالي من الشبه وهوى النفس فإنه يدعو إلى عميق الايمان ، فقد قال الله تعالى ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) .. أبعد هذا ينكر مُنكر مهما بلغ من العلم مابلغ .

لقد تعجبت كثيراً عندما قرأت عن بعض هؤلاء الجاحدين وقولهم ( إننا بلغنا من العلم درجة لا نحتاج فيها الله) .. نستغفر الله ونتوب إليه من هذا القول والإعتقاد به ما قدرو الله حق قدره؛ أعماهم الغرور والكبر والانغماس في الشهوات والآثام نسأل الله السلامة.

إن الإنسان بل كل كائن لايمكن أن يستغني عن الله ، ويجب أن نعلق كل أمورنا بالله تعالى ، والكُلّية هنا مطلقة؛ بهذا تزول الحيرة والشتات ويحل السلام والطمأنينة والسكون وخشوع القلب وهدوء النفس..

اللهم إنا نسألك الايمان الكامل واليقين الصادق وتوفنا وأنت راضٍ  عنا غير غضبان ، وأفتح لنا مغاليق الأمور ياكريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

إبراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “العلم والإيمان توأمان ..

ابراهيم مهنا

شكرا أبا ليلى على هذا الموضوع المهم
سمعت قبل ايام اهتمام التربويون بموضوع الاعتقاد ومكافحة الإلحاد والحاجة لبرامج للتوعية وتصحيح الاعتقاد
فتعجبت وعلمت أننا نغفل عن الانفتاح الاعلامي حتى وصل لنا الملحدون بأفكارهم ووجدت من بين الموحدين من يرعها سمعه
ويدخلها قلبه
ماطرحه كاتبنا العملاق يجب أن يكون محل اهتمام كل مسؤول عن التربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *