قالو قديما البيوت أسرار، ولكن على ما يبدو أن الكلام القديم كالثياب القديمة!.
كانت البيوت صناديق مغلقة، البيت للبيت، والناس للناس، غير أن اليوم كل ما في البيت للناس ! شبكات التواصل الاجتماعي أسميها مصيبة عصرنا ) ، إذ أصبحت جزءا كبيرا من حياتنا، وهي مصدر للخبر، وسهولة في التواصل بين البشر .
لم يكن في اعتقادي أن أحدا كان يتصور بأن موقعا للتواصل الاجتماعي على غرار الفايسبوك سيكون له بالغ الأثر في تغيير سياسة أمة ، والإطاحة بنظم سياسية عريقة، ولم يكن أحدا يتصوّر مدى فعالية مثل هذه المواقع والتي كثيرا ما صنّفها البعض في خانة ” الدردشة” لا غير، إلا بعد أن شهد العالم ولأول مرة ثورة حقيقية لم يكن أبطالها سوى شباب جمعهم الفايسبوك والتويتر والخ….
وجدنا إدمانا كبيرا من الشباب والبنات على هذه الشبكات، يرصدون كل تحركاتهم وملابسهم مشترياتهم وطبخهم والخ … عبر تويتر والفيس بوك والكيك وسناب شات وانستغرام وباث .. أصبحت مواقع (الفضايح الاجتماعية ) لدرجة أن المتابعين يعرفون كثيرا عن أبنائنا وأصحابنا وأهلنا، بل ويعرفون أسرار البيوت التي أصبحت مكشوفة. لم يعد للبيوت أسرار أو حرمة،
نجد للأسف بأجهزة المقربين لنا كل التفاصيل الصغيرة بالصوت والصورة، ضاربين بالعادات عرض الحائط ملاحقة بـ لايك وتعليق جميل أو ساخر أو ضحكة من أحدهم . أصبحنا نعيش بالمنزل كالغرباء، في عزلة كبيرة بسبب (مصيبة عصرنا ) لا يعرف أحدنا الآخر، ولا يلتقيه، *ولا تجتمع أفراد الأسرة كاملة.
أنا لا أعرف حتى هذه اللحظة ما المراد ايصاله من شخص يكتب (أنا صحيت ) !! الحمدالله أنك أخبرتنا، فالعالم كله كان بانتظارك.. وبعد اللايكات والتعليقات يكتب لنا ( شور تايم )( اوت تايم ) سيد العالم دخل ليستحم، بامكانكم أن تنجزوا أعمالكم قبل أن يخرج ويصور لنا فنجان قهوته ، مرفقا بكتاب لا يعرف من كاتبه !؟.
من المستحيل أن تجتمع الثقافة والتفاهة . نعرف أصدقاءنا بالأمس أين ذهبوا ، ماذا أكلوا ،ماذا فعلوا، ولكن لا نعرف ما بداخلهم ! بسبب استعراض الحياة مصيبة عصرنا. هل تعلم أن مصيبة عصرنا أيضا ممكن أن تودي بك إلى الفصل من عملك.
قبل فترة وجيزة الكل سمع أغلبنا عن مشعل العتيبي، وأنه تم فصله بسبب مقطع كوميدي ساخر وغير لائق . الإنسان كائن اجتماعي بصفته، وخلقه الله ليعيش ضمن جماعات، فهو لم يخلقه ليكون وحيدا معزولا على نفسه. الإنسان من خلال عيشه في جماعات يمكنه أن يفيد الناس ويستفيد، قال تعالي ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفواإن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
وقد قال الخليل ابن احمد ماسمي الإنسان إنسانا إلا أنه يأنس بغيره. ولكن هذا لا يعني ان الأنس يتحقق حين نتخلى عن خصوصيتنا ، ولن تتوقف مصيبتنا عن هذا فقط !
هل تعلمون بأن ليس كل مستخدمي الفيس بوك بشر ؟ ابحثو عن الكلب boo ‘ وستتعجبون. قد يودي بنا الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي إلى أن نعادي التواصل نفسه إن استمررت في هذا الإدمان فانتبه. إنّ الاتفاق السائد اليوم يؤكد على مكانة ونجاح مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت ذات مكانة بارزة في بناء الرأي العام والتحكم فيه. علماء النفس والاجتماع أكدوا أن من إيجابياتها مساحة الحرية، ولكن ضمن سلبياتها الانطواء والانعزال. يظل السؤال الأهم : وسائل التواصل الاجتماعي، اتصال ام انفصال؟