رمي الولائم كاملة في حاويات النفايات مشاهد مؤلمة استفزت الجميع.
– مئات الأطنان من المواد الغذائية تعادل كميتها نصف المواد التي تنتح عالمياً تلقى في حاوياتنا.
د. أحمد آل مفرح: نظام للترشيد الغذائي وفرض غرامات مالية لمن يهدرون الطعام.
د. ناصر بن داود: يجب سن عقوبات رادعة لممارسي الهياط وفخامة الولائم.
المستشار القانوني “عبدالله العنزي”: لا يوجد نظام صريح لمعاقبة المبذرين في تجهيز الولائم.
“عامر البرجس” من جمعية “إطعام”: عقدنا اتفاقيات مع فنادق وقاعات الأفراح الكبرى لتعبئة الطعام الزائد.
الأخصائية “فاطمة القحطاني”: نتبنى الأفكار التي تسهم في حفظ النعمة والتقليل من الهدر.
مع انتشار ظاهرة التبذير والإسراف في الطعام خصوصاً في السنوات الأخيرة؛ حيث تقدر قيمة الفاقد والهدر الغذائي بالمملكة بـ”49.833″ مليار ريال سنوياً حسب الورقة المقدمة من وزارة الزراعة في ورشة الحد من الفقد والهدر الغذائي، ورغم وجود عدد من الجمعيات الخيرية التي تساهم في حفظ الطعام كجمعية “إطعام” إلى أن هذا لم يمنع مجلس الشورى من تقديم مقترحين لدراسة وسن قوانين لمكافحة التبذير ومعاقبة المبذرين.
“سبق” سلطت الضوء على ظاهرة الإسراف في الغذاء والعقوبات المترتبة.
مركز وطني
طرح عضو مجلس الشورى السابق “الدكتور أحمد آل مفرح”، مقترحاً حول نظام الترشيد الغذائي لفرض غرامات مالية على الذين يتركون فائض طعام في أطباقهم في المطاعم، كما قدم لـ”سبق” نسخة عن مسودة المشروع؛ حيث تتضمن إنشاء مركز وطني للترشيد ومحاصرة الإسراف، وفرض غرامات مالية على الأفراد والأسر الذين يتركون فائض طعام بنسبة 20٪ من قيمة الفاتورة المدفوعة، على أن تكون الغرامة بواقع 15٪ على كل جهة تشرف أو تقيم حفلة أو مناسبة رسمية أو خاصة، و5٪ على كل فرد أو جهة تقيم حفلة أو مناسبة عامة أو خاصة كبيرة من دون ترخيص، على أن تودع مبالغ الغرامات في حساب بنكي خاص بالمركز، وأن تعلن الغرامات في مكان بارز في أماكن الطعام وتنشر على حسابات المركز، وأعفى النظام من العقوبة كل فرد أو أسرة أو جهة تولى في الحال بنفسه أو كلف غيره بجمع وأخذ الفائض من الطعام، من فرض الغرامات. ويهدف المركز إلى الحد من ظاهرة الإسراف في الأكل والإسهام في حفظ الطّعام وترشيد الغذاء، بالإضافة إلى دعم جهود الجمعيات والمؤسسات ذات العلاقة، وتوعية وتثقيف المجتمع بأهمية الاقتصاد الأسري وأثر الإسراف الغذائي السلبي عليه، وكذلك التوعية بالأضرار الصحية الناتجة عن الاستهلاك المفرط للطعام.
حفظ النعمة
ومن جهة أخرى قدم عضو مجلس الشوى السابق “الدكتور ناصر بن داود” المقترح الثاني الخاص بنظام مكافحة البطر وحفظ النعمة وسن عقوبات رادعة لبعض ممارسات “الهياط”، ومن ذلك من يراؤون بفخامة ولائمهم التي لا يحتاطون لفوائضها، فترمى في حاويات النفايات، في مشاهد مقززة استفزت العالم أجمع، إضافة إلى مقاطع فيديو تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي مبرزة التبذير، مثل الأشخاص الذين علفوا جمالهم أوراقاً مالية.
لا يوجد نظام
“هل هناك قانون يعاقب المبذرين ومن يقوم بإلقاء الطعام الفائض؟ “سبق” تواصلت مع المستشار القانوني “عبدالله صالح العنزي” للإجابات عن تلك التساؤلات؛ حيث أوضح “العنزي” أنه لا يوجد نص نظامي صريح يعاقب المسرفين والمبذرين في تجهيز الولائم، ولكن يوجد نص نظامي ورد على استحياء بمعاقبة من يقوم بإلقاء نفايات فضلات الطعام بغير الأماكن المخصصة لها سواء من المطاعم أم المنازل؛ حيث ورد في جدول الغرامات والجزاءات الملحق بلائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم “٢١٨” وتاريخ “٦/ ٨/ ١٤٢٢” أنه يعاقب بغرامة الحد الأدنى بمبلغ قدره ١٠٠ ريال، والحد الاعلى منها ايضا ١٠٠ ريال في حال القاء النفايات من المنازل في غير الأماكن المخصصة لها، وبغرامة الحد الادني بمبلغ وقدره ١٠٠٠ ريال ٥٠٠٠ آلاف ريال للحد الأعلى في حال إلقاء فضلات الطعام من المطاعم في غير الأماكن المخصصة لها .
وأضاف في حديثه لـ”سبق” أن النظام نص على مخالفة من يقوم برمي فضلات الطعام في غير الأماكن المخصصة لها فقط، ولم ينص على مخالفة من يمارس صور الإسراف والتبذير في تجهيز الولائم، بحيث لا يعد مخالفاً من يقوم بالإسراف في تجهيز الحفلات والولائم إذا قام برمي فضلات الأطعمة في الأماكن المخصصة لها”.
مشيراً إلى أن الإسراف والتبذير أمرٌ محرم، والدليل قوله تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين”. وحفظ النعمة يعتبر من حفظ المال، وحفظ المال من الضرورات الخمس التي نص على حفظها الإسلام.
وختم “العنزي” حديثه: “هناك مقولة تحضرني على من يمارس صور الإسراف والتبذير في الأطعمة وهي: “من أمن العقوبة أساء الأدب”. والآن أصبح من الضروري إصدار نظام يحدد المخالفات والجزاءات الرادعة لمنع انتشا ظواهر وصور الإسراف والتبذير التي نراها في مجتمعنا.
أول جمعية
رغم غياب القانون لم تغب الجمعيات الخيرية والنشاطات الإنسانية بهدف حفظ النعمة والحد من الهدر؛ حيث قرر مجموعة من رجال الأعمال نقل فكرة بنوك الطعام إلى السعودية، وانطلقت فكرة الجمعية الخيرية للطعام “إطعام” التي ساهمت منذ انطلاقتها لحفظ أكثر من 2 مليون وجبة.
“سبق” التقت مع “عامر برجس”، المدير التنفيذي لإطعام في الرياض” وتعرف بـ”بنك الطعام السعودي”، وقد بدأ العمل منذ عامين بمبادرة من مجموعة رجال أعمال بالمنطقة الشرقية بهدف حفظ النعمة من الهدر؛ وذلك عن طريق نقل فكرة بنوك الطعام في دول العالم وتطبيقها في المملكة العربية السعودية بطريقة احترافية، وبعد نجاح التجربة تم نقل الفكرة إلى مدينة الرياض في شهر ديسمبر 2013م بهدف حفظ الطعام؛ حيث تهدف “إطعام” بشكل أساسي إلى نشر الوعي وثقافة حفظ الطعام في مجتمعنا وإيصال الزائد من الطعام إلى المستفيدين وفق أفضل معايير الجودة والسلامة العالمية، وإيجاد فرص عمل لأبناء الأسر المستفيدة، إضافة إلى إشاعة روح العمل التطوعي في المجتمع والارتقاء بالعمل الخيري بصورة احترافية، وقد تم عقد اتفاقيات مع عدد من الفنادق وقاعات الأفراح الكبرى لتعبئة الطعام الزائد بأفضل معايير الجودة والسلامة العالمية، وتكوين شركات مع الجمعيات الخيرية الأخرى للاستفادة من الطعام وتوزيعه على المستفيدين.
صورة احترافية
وأضاف: تمتاز “إطعام” بأن 80% من موظفيها هم شباب وفتيات من أبناء الوطن، تم تدريبهم للعمل باحترافية من خلال دورات تدريبية، ومن ثم اختيار الأفضل وتوجيه كل متطوع وفق مهاراته، للعمل، إما في فريق التعبئة أو فريق التوزيع، ويتم ذلك تحت إشراف مدير التشغيل ومختصين في الجودة وسلامة الغذاء، كما أن فترات العمل تنقسم إلى فترتين؛ الأولى وقت الظهر بالتزامن مع وجبات الغداء، أما الفترة الثانية فتكون في وقت متأخر من الليل؛ وذلك بعد انتهاء حفلات الأعراس، سواء الرجالية أم النسائية، وذكر أن “إدارة التشغيل” قد بدأت العمل في حفظ الطعام الزائد وتوزيعه على المستفيدين اعتباراً من 1/ 4/ 2014م”.
وحول الهدف من الحملات التوعوية التي أطلقتها “إطعام” الرياض؛ أجاب “البرجس”: في البداية تسعى “إطعام” من خلال الحملات الخيرية التي تطلقها في مختلف المناسبات، إلى التذكير بأهمية نشر ثقافة حفظ النعمة في مجتمعنا، والتغلب على مظاهر البذخ ورمي الفائض من الطعام وإعادة توزيعه على المستفيدين، وإيصال رسالة مفهوم حفظ النعمة الذي تسعى “إطعام” إلى تعزيزه؛ حيث يُعد الدافع إلى إطلاق الحملات التوعوية. من جانب آخر بدأت “إطعام” الرياض الاستعداد لعقد مؤتمر إطعام الدولي الأول في مدينة الرياض بمشاركة نخبة من الأخصائيين في مجال حفظ الطعام من الهدر.
مسؤوليتنا جميعاً
وعن الفوائد المتوقعة من تنفيذ هذه الحملات يقول المدير التنفيذي لإطعام: “تقدير الكميات المناسبة عند إعداد الأطعمة سواء للأسرة أم للضيوف، وكذلك كيفية تجنب الإهدار في بواقي الطعام، من دون إلقائها كمخلفات في صناديق القمامة، وتجميع الأطعمة الجيدة السليمة وإعادة تعبئتها لتوزيعها على المحتاجين، مشيراً إلى أن الجميع شركاء في حفظ الطعام من الهدر، ابتداء من البيت إلى المدرسة إلى الجامعة إلى المؤسسات بمختلف أعمالها، ومن خلال صحيفتكم هذه دعوة إلى نشر رسالتنا وهي: “حفظ الطعام مسؤوليتنا جميعاً”.. وأهمية مساهمة القطاع الخاص في المشاركة ودعم رسالة وأهداف جمعية إطعام التي تعتبر خطوة حضارية سباقة لتكريس سياسة الشراكة الاجتماعية بين القطاع الخاص والجهات غير الربحية. وسوف تكون بصماته واضحة في إرساء روح الخير وتأصيلها كعمل مؤسسي متطور يتسابق في تحقيقه كافة الشركات الأخرى؛ حيث تكتمل الصورة في تحقيق رسالة إطعام من خلال حفظ النعمة، وترسم البسمة عبر إيصال الزائد من الطعام إلى المستفيدين.
وأردف “البرجس”: يجب نشر ثقافة الترشيد في كل مناحي الحياة، لتدوم علينا النعم، ويحفظها الله من الزوال، وهنا يأتي دور المدارس والمساجد ووسائل الإعلام المختلفة في التوعية ونشر ثقافة حفظ الطعام.
حفظ النعمة
من جهة أخرى الأخصائية الاجتماعية “فاطمة القحطاني” تقول لـ”سبق”: “مليارات الأطنان من المواد الغذائية التي تعادل كميتها نصف المواد التي تنتح عالمياً تلقى في النفايات في بلاد الحرمين، بينما يزداد عدد المجاعات في الدول المجاورة؛ الأمر الذي يتطلب تبني الأفكار التي تسهم في حفظ النعمة والتقليل من الهدر، وتطالب “الغامدي” بأن تسن الجهات الرسمية قوانين رادعة للحد من الإسراف والمهايطة، وعلى المجتمع ألا يتناسى قوله تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا”. وتأمل من الجهات المعنية والخيرية وأئمة المساجد نشر ثقافة حفظ النعمة من خلال الدورات التثقيفية، والخطب الدينية التي تحث الأفراد على التواصي وعدم الإسراف”.
دراسات وأرقام
أظهرت نتائج حديثة أصدرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات؛ أن السعودية تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الهدر الغذائي بنحو 250 كيلوجراماً للفرد الواحد سنوياً، وتتصدر المملكة في كمية المهدر من الغذاء عالمياً، بنحو 250 كيلوجراماً للفرد الواحد سنوياً، أما في الدول المتقدمة فإن كمية المهدر “115” كيلوجراماً للفرد، بينما في الدول الفقيرة 11 كيلوجراماً للفرد الواحد. من جهتها تشير وزارة الزراعة في المملكة إلى وجود كميات كبيرة من المواد الغذائية لا تتم الاستفادة منها، وأرجعت الوزارة إلى أن هناك بعض الأنماط الاستهلاكية التي أدت إلى التباهي والإسراف، ودعا بعض المختصين في المجال الزراعي إلى أن تكون التوعية للتقليل من الفاقد والهدر في الغذاء مكثفة عن طريق وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وإيضاح أن الإعانة من الدولة على بعض السلع جاءت لمساعدة بعض فئات المجتمع، وأن هناك أموالاً طائلة تدفع على هذه الإعانات والمطالبة بدور أكبر للجمعيات الخيرية قبل وبعد في مجال التوعية.