القصة الفائزة بالمركز الثاني في مشروع المهارات الأدبية – فرع القصة القصيرة – على مستوى إدارة التعليم بجدة :
أتسلل بهدوء على أطراف قدميّ بين الشجيرات متخفيا خلفها ، مستمعا لتغاريد الطيور ، ونسيم الهواء العليل ،
الذي يداعب خصلات شعري.. حولت ناظريّ للسماء الصافية ؛ لتتسلل البسمة ثغري ، وتقتحم السعادة والهدوء والسلام جدران قلبي ..رغم برودة الجو إلا أن الدفء قد تغلغل في صدري ، زفرت بهدوء لأستقر خلف الشجرة مترقبا أخي الذي يبحث عني ..جفلت حين حاوطت يداه عينيّ لأبدأ بالضحك فور تعرفي عليه ، حتى شعرت به
يزيح يديه عني على صوت انفجار جديد يدوي في المكان ، ويخلع عنه هدوءه المسالم.
وما هي إلا هنيهات ليتسرب لمسامعي بكاء طفل ، صراخ امرأة ، واستغاثة شيخ.. انفطر قلبي ، وأردت المساعدة لولا اليدان اللتان تشبثتا بي وأصبحت تجرني بخطى متسارعة ..
وأنا أسير كالأحمق لا أفقه شيئا حولي ولكن ، من يلومني ؟
سمعته يدندن بألحان نشيد اعتادت والدتي على ترنيمه لنا ..استوقفته بقولي : متى ستعود أمي يا أخي ؟
توقف عن سيره وقد ارتسمت على وجهه ملامح مبهمة، تعجبت قليلا، ولكنه تجاهلني ليسرع بخطواته لأفعل المثل. توقفنا أمام شجرة ضخمة ليدفعني داخل جذعها الأجوف ، المساحة الضيقة لم تمكنه من الدخول .
وقع الأقدام ، وقرع النعال يعلو أكثر فأكثر ليهمس بأذني:
كن قويا يا أخي ، تحلى بالشجاعة ولا تضعف مهما حدث ..
قاطعته: لماذا ؟ ألن تبقى معي ؟
حدق بي ليهم بعدها بالذهاب وهو يتمتم : سأعود .
لم أعلم إلى أين سيذهب ، قلبي ينبض بجنون ، أصبح الصوت واضحا ؛ لأسترق عليهم السمع ، ولم أفهم إلا أنهم سيفتشون هذه المنطقة.
دقائق تمر علي كالساعات إلى أن سمعت طلقا ناريا جمد الدماء في عروقي ، كما لو سكب علي ماء بارد ،
انتظرت طويلا حتى خيم الصمت على المكان ، وما زلت بانتظارهما : أمي ، وأخي .
“النهاية”