في الحقيقة إن هناك بعض العبارات التي تتردد في بعض الرسائل التي ترسل عبر شبكات التواصل وبالأخص عبر رسائل الواتس أب والفيس بوك ، فعلى سبيل المثال يرسل أحدهم رسالة ولكي يحث الناس على نشرها وربما هو أيضا قد جاءته بهذه الصيغة؛ فلم يتمحص أو يفكر في فحواها وما تحمل في طياتها من مغالطات وعبارات قد تؤدي إلى الشرك أعاذنا الله وإياكم من ذلك ، فعبارة ( تخيل أن ربك يراك وأنت تنشرها ) .. هذه العبارة كم تضايقت منها فغصت في خضمها لأتبين ماهية ما تعنيه هذه العبارة ، وتسائلت كيف أتخيل أن ربي يراني وأنا أنشر هذه الرسالة ، وهي عبارة ركيكة عامية وليست ذات معنى ، فـ هل يستطيع الانسان أن يتخيل ربه ؟ – أعوذ بالله من هذا القول – ..
إن الله سبحانه وتعالى لاتدركه والعقول ولا الأبصار ، وكما قال احد السلف ( العجز عن الأدراك إدراك والبحث في ذات الله إشراك ) ، ولا يستطيع العقل البشري القاصر أن يدرك ولو بقي العمر كله يتخيل ، وقد نهانا رسولنا الكريم أن نصل إلى هذا الأمر وأن هذا كله من خطوات الشيطان ، ولكن نحن هنا لا نتهم مرسل هذه الرسائل بالتعمد أبداً ، ولكن ألا يجب على المرء إذا جاءته مثل هذه الرسالة أن يمعن النظر ويقلب الفكر ويعرض كل حركاته وسكناته ونطقه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان السلف الصالح يعرضون كل نطقهم بل كل شأن من شؤونهم على كتاب الله فأن وافقه أخذوه وأن خالفه تركوه ونبذوه ، أما نحن في هذا العصر الذي يسمى بعصر العلم والمعرفة فاننا نطلق الكلام على عواهنه ونأتي بعبارات لا تليق وربما تحمل سوء الأدب مع الله جل جلاله ، وكأن الناس قد غفلوا عن إدراك أن هناك أيادي خبيثة خفية تعمل في الظلمات لتشكيك الناس في ربهم ودينهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم ..
أنهم يريدون أن يصلوا بهذه العبارات أن يتخيل الانسان ربه ثم يجره شيطانه إلى التجسيم وتصور الإله بصور في مخيلته .. نعم أقولها صريحة .. إن هناك منظمات تبعث مثل هذه الرسائل التي قد تكون في ظاهرها أحاديث شريفة وكلمات لطيفة ويضعون داخل هذه الأحاديث ما يريدون إيصاله وبثه من سموم إلى الناس من تكذيب وتشكيك وعبارات شركية لا يستطيع المرء أن يتبين ماهيتها بقراءة سطحية سريعة ، وهؤلاء المغرضون قد درسوا جيداً العوامل النفسية لبعض الناس وعلموا أن هناك أقوام سطحيون بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، فالذي تنازعه نفسه على النسخ واللصق قبل إتمام القراءة هو من يستهدفونه بخبثهم لزعزعة أركان العقيدة الصحيحة ، فكم من العبارات ترسل على مدار الساعة وفيها من المغالطات الشيء الكثير ، ولا يجب أن يكون الانسان حسن الظن من هذه الناحية ، فقد قال عمر الفاروق رضي الله عنه ( لست بالخب ولا الخب يخدعوني) ، وتأمل معي من يرسل رسالة ثم يستحلف الناس بنشرها بل يلزمهم بالأيمان الغليظة وأنها أمانة في عنق من تصله الرسالة إلى يوم الدين ، وأن الله سيحاسبه إن أهملها وربما أطلق بعض الدعوات بالنكبة والمرض وأنه يجب عليه إرسالها لكذا شخص فيحصل له كذا ، وإن لم يرسلها سيصاب بنائبة ويفقد أهله وولده ، وأن البركة ستنزع من حياته ، وربما يموت بعد كذا يوم أو شهر لمن لم يقم باعادة إرسالها .. وكثير من سوء الأدب وقلة الحياء نراها تأتي من أناس هذا شأنهم وديدنهم …
ولا أدري من أين لهم العلم بكل هذه الأمور وإنما هي غزعبلات ووسوسة شياطين لحيزنوا المؤمن … فهذا هو عصر العلم الذي يتشدق به بعض قصار النظر..
فأرجو من أخواني المسلمين أن يتنبهوا لمثل هذه الأمور وأن يستوثقوا من هذه الرسائل وأن يمحصوها ويضعوها تحت مجاهر البحث والعلم لكي تسلم عقيدتهم – رزقنا الله حسن التبصر في أمور ديننا ودنيانا وعاقبة أمرنا – .
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب