فضلاً احترموا صغاركم

إن الإحترام قيمة إنسانية تميّزت بِه الحضارات السامية ودعت إليه جميع الأديان السماوية ودونته وحرصت عليه الدراسات التنموية الداعية لرقي المجتمعات وبالإحترام يقاس بهذه القيمة حسن تعامل الفرد مع الآخرين. 

ولقد أولى الإسلام عنايته وإهتمامه بالقيم الإنسانية التي لها قيمة عظيمة بين البشر ولدوام الحياة بين الناس وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات التي تربط المسلم مع أخيه المسلم ليكونوا علاقات اجتماعية، فمن هذه القيم الإحترام، فقد جعل لها الإسلام مكانةً كبيرة لتشمل جميع أفراد المجتمع.

وعندما نتحدث عن الإحترام أول ما يتبادر إلى الذهن هو إحترام الصغير منا للكبير، والقوي للضعيف، والغني للفقير، ولكني سأخلف الظن وأسلط الضوء على الشيء الغير متوقع وهو إحترام الكبير منا للصغير وتوقيره وإعطائه مكانته في الرأي والفكر وحرية الإختيار والتصرف والقول في حدود الأدب واللياقة.

إحترام الصغار في هدي النبي صلى الله عليه وسلم :

 كان للنبي صلى الله عليه وسلم هدياً راقياً ونموذجاً بارعاً في إحترام الصغير وإعطائه حقّه قبل العطف والحنان .. تأمَّلوا معي هذا الحوار الذي دار بينه وبين غلام صغير، جاء الدور عليه في شرب الماء، ولم يشأ النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يكسِر قلبَه الغض، ومشاعرَه المرهفة، فاستأذنه أن يبدأ بالكبار.

عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال: “أُتي النبي صلى الله عيه وسلم بقدح فشَرِب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره، فقال: ((يا غلام، أتأذنُ لي أن أعطيه الأشياخ؟)، قال: ما كنتُ لأوثر بفضلي منك أحدًا يا رسول الله، فأعطاه إياه”.

فالغلام جالس عن يمين النبي، والشيوخ عن يساره، ومن السُّنة البدء باليمين، وأيضًا من المتعارف عليه إحترام الكبار، وتقديمهم في كل شيء، فاستأذن النبيُّ الغلامَ أن يبدأ بتقديم الماء للكبار؛ ولكن الغلام رفض أن يتنازل عن حقه، يريد أن يفوز بشرف الشُرب من يد الرسول، فأعطاه النبي.

الطفل لا ينسى :

هذا الموقف الشريف يعد مرجع أساسي شامل لكل مبادئ الإحترام والتنمية البشرية وله جوانب متعددة بداية من تقدير النبي للغلام والاستئذان وإعطاء الغلام حقه قبل الكبار ، سيظل هذا الموقف منقوش في رأس الغلام حتى الموت وسيكون هو النواة الكبرى التي يبني عليها حياتهُ في إحترام الغير وإذا كان إحترام الصغير بهذا الشكل فمن باب أولى إحترام الكبير وتقديره.

فضلاً إحترموا صغاركم فذاكرتهم لا تنسى أي تعامل حسن ولا سيء، للأسف يتعامل الكثير من الكبار مع الصغار على أنهم لا يفقهون شيء أو بلا قيمة وهذا ما يخالف القيم والمبادئ والعقل ، فالطفل عنده قدرة خارقة على معرفة الإنسان العطوف وغيره ، وقادر على تمييز الشخص المتعجرف والشخص المتواضع ويظل هذا الشعور في قلب الطفل حتى يصبح شيخاً كبيراً بنفس الإنطباع الذي أخذه عنك في الصغر ، والدليل على ذلك هو ذاكرة كل واحد منا راجع نفسك ستتذكر من كان جيد معك وأنت طفل ولازلت تحبه حتى الآن ومن كان غير ذلك.

وفي الختام “”فضلاً إحترموا صغاركم””

ماهر عاطي النعماني – جدة

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “فضلاً احترموا صغاركم

عامر

لا شك ان ذلك لبنة اساسية في بناء الثقة لدى النشئ..
احسنت .

متابع

شكرا للكاتب على طرق مثل هذا الموضوع المهم
وأنصح بمتابعة د . مصطفى أبوسعد للتعرف على أخطاءنا بل و جرائمنا في حق أطفالنا . الدكتور له مقاطع باليوتيوب . وعدة كتب في تربية الاطفال .

أبو عدي لاحق عوض الساطي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكاتب إختيارك لهذا الموضوع إختيار موفق وينم على إحساسك بالمسؤولية تجاه مجتمعك
إستددلالك بالسنة النبوية هو الدليل القاطع على عدم التردد في التعامل مع صغارنا وكبارنا بهذا النهج النبوي
والإبتعاد عن كل النظريات التربوية التي لا تتماشى مع السيرة النبوية لرحمة المهداه لنا من الله سبحانه وتعالى
ويجب على كل مسلم أن يتبع الكتاب والسنة في تربيته لأبناءه وتعامله مع الغير وفي كل حركاته وسكناته ??

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *