ابن حامد الذي عرفت ..

توفي الشيخ عبدالحميد بن حامد رحمه الله فافتقده أهله وأولاده أباً رحيماً، وافتقدته القبيلة مستشاراً وحكيماً، وافتقدته جماعة مسجده وكذلك جيرانه وأصدقاؤه. 

لن أتحدث عن أبي حامد إلا بما علمت من خلال معاملته أو شهادة الثقات فيه، لقد عرفته منذ أن كنت صغيراً عندما كان يزور جدي في المناسبات الإجتماعية، وعرفته عندما رافقته لأداء فريضة الحج في عام ١٣٩٢ هـ ولم يكن في معيتنا أحد، فسبرت أخلاقه ورأيت عبادته عن قرب، كان حريصاً رحمه الله على تطبيق السنة في ذلك النسك، مجتهداً في أن يكون حجاً لا رفث فيه ولا فسوق ولا لغو، حتى أنه كان يبتعد عن المعارف وإن كانوا من أبناء القبيلة؛ لكي لا ينشغل عن العبادة، إستأجرنا جزءً من محل للقهوة بمنى، وكطبيعة الشباب آنذاك خرجت متجولاً بين الخيام وأماكن إستراحة الحجاج فوجدت بعضاً من جماعتنا وقد بنوا لهم خيمة كبيرة، فعدت إلى رفيقي مسرعاً لأخبره بالخبر طالباً منه ترك المكان والإنتقال إليهم، فإبتسم وقال ” الجماعة لاحقين عليهم، والديره راجعين لها إن شاء الله، نحن ما جئنا إلا للعبادة في أيام معلومات”، فأطعته طاعة الإبن لأبيه والتلميذ لمعلمه .

وأما المعرفة الأخرى التي كانت عن قرب فهي صلة المصاهرة، فكان خير من يصاهر وأفضل من يناسب – من غير قصور في بقية الأرحام -.

وفي موقف آخر يدل على إجتهاده في العبادة يرحمه الله، وجدته معتكفاً في المسجد الحرام في العشر الأواخر من رمضان في زمان لا يحرص كثير من الناس على صلاة التراويح فضلاً عن الإعتكاف … كان محافظاً على صلاة الجماعة في المسجد، وأيضاً محافظاً على سنة الجلوس إلى الإشراق في المسجد.

عُرف عنه رحمه الله إقباله على تلاوة كتاب الله الكريم إقبالاً منقطع النظير طيلة حياته، وعندما وصل به الضعف والوهن إلى درجة أنه لا يستطيع معها الجلوس وتصفح كتاب الله طلب من أهل بيته أن يضعوا له المصحف الشريف أمامه ويقلبوا له الصفحات.

ومن المواقف التي إستحسن شيوخ القبيلة رأيه فيها وأخذوا به ما كان في إحدى السنوات حين عُين أحد المسؤولين بالمحافظة، فتسابقت القبائل لدعوة واستضافة هذا المسؤول الذي كان لا يعتذر عن أي دعوة تقدم له، فطُرح أمامه مقترح استضافة ذلك المسئول، فقال رحمه الله: لا حاجة لنا بذلك؛ لأنه جاء لآداء واجب وظيفي وسيرحل كما رحل مَنْ قبله وسيأتي غيره، فوافقوه وصدروا عن رأيه.

ومن عباراته التي أشتهرت عنه – رحمه الله – ما قاله عندما أخذ الناس يقيمون حفلات الأعراس في القصور ورأى بعض التقصير: ” المواجيب عودت في قصور من يوم صارت الزواجات في القصور”.

رحم الله الشيخ عبدالحميد رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته، وأنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

 

عبد الرحيم ابراهيم الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

8 تعليق على “ابن حامد الذي عرفت ..

متابع

أنتم شهداء الله في أرضه . والوفاء ليس بمستغرب من الأوفياء أمثالك
غفر الله للفقيد وأسكنه فسيح جناته . كان من أعمدة المسجد .
يا أبا حامد تبكيك مواضع سجودك ويبكيك مصحفك ويبكيك الصف الأول . رحمك الله رحمة واسعة .

وأرد بن شاكر الصحفي

نسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم ان يرحمه ويغفر له ويسكنه الفردوس الاعلى من الجنة آمين يارب العالمين

احمدمهنا

رحمه الله رحمة واسعه وعظم أجر أولاده ورحم أمواتنا وأموات المسلمين جميعا..هنيئا له عمله الصالح ، وشهادة مثلكم له رحمه الله موجبه، ولاشك أن كثيرا يشهدون له كذلك ..وللعبرة والاتعاظ ،وكفى بالموت واعظا. لننظر إذا مات منا أحد مالذي نتذكره من سيرته ؟ لا جمعه مالا ولا إنجابه أولادا وإنما تلك الأعمال التي سيلقاها أمامه وقد جد في تقديمها لنفسه… شكرا لك أبا سامح ، وتقبل الله الشيخ عبدالحميد في الصالحين وجعل الصلاح في ذريته الباقين..

ابو احمد

رحم الله شيخنا ابا حامد
ونعم الرجل

محمد الصحفي

جزاك الله خير
اللهم إغفر له وأرحمه وموتانا وجميع موتى المسلمين

غير معروف

رحم الله شيخنا ابوحامد وغفر له واسكنه جنة الفردوس وجميع المسلمين
جزاك الله خير استاذنا وشيخنا ابوسامح

غير معروف

رحمه ألله رحمة واسعة وأنزل على قبره شآبيب الرحمة وسحائب الغفران وأدخله فسيح جناته والهم اهله وذويه الصبر والسلوان ….
وهذا المقال هو اعتراف بالجميل لرفقة طيبة جزاك ألله خيرا شيخنا أبا سامح وكتب لك الأجر والمثوبة.

صالح الصحفي

رحم الله الشيخ عبدالحميد بن حامد رحمة واسعة
حدثني احد ابناءه فكان يقول عن ابيه كان ابي يصحوا قبل الفجر بساعة فيصلي الوتر ثم يقرأ القرآن حتى اذان الفجر فيصلي في المسجد ولا يذهب الى مزرعته حتى يطلع الصبح
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه واجعل قبره روضة من رياض الجنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *