فيمامضى من الأيام وما أكثر الأيام التى مضت .. طلب مني صديقي الأنيق مرافقته إلى مناسبة كان قد دعي إليها في إحدى فنادق مدينة جدة .
ترددت قليلاً ثم تحت إلحاحه وافقت ورافقته .. دخلنا القاعة ورائحة العطور والعود تملأ المكان فتقدمت عنه خطوة فلحق بي وأطبق على يدي حتى كاد أن يهشمها وهمس لي بغضب عاضاً على أسنانه ( وين طاير !!؟؟) ، فصرت أمشي بمحاذاته حتى انتهى بِنَا إلى زاوية فجلسنا نتحاور وكان أغلب حديثنا أو همسنا بالأحرى عن روعة القاعة وما فيها ومن فيها .
يأتي الجرسون وفي يديه صينية عليها كاسات ملونة بشتى أنواع العصائر ، ابتسمت في وجهه وشكرته وتناول كل منا كأساً دون الإمعان كثيراً في الاختيار ، وضع هو كأسه على الطاولة في الوقت الذي فيه أنا قد شربت نصف الكأس ولم أمهل النصف الثاني كثيراً حتى شربته لآخر قطرة وقد يكون شعوري بالعطش سبباً لذلك .
نظر إلي وأومأ برأسه يمنة ويسرة مدلياً ( برطمه) السفلي قليلاً إشارة منه بأنني اخطأت ، وماهي إلا ساعة حتى نادوا على الحضور أن هلموا إلى العشاء … كان العشاء ( بوفيه مفتوح ) !!!!
فضلت أن أمشي خلف صديقي وأصنع مثل ما يصنع واختار ما يختار كي لا أرتكب مزيداً من الأخطاء بحسب تفكيره ، ملأنا الأطباق وجلسنا على إحدى الطاولات وشرعنا في الأكل .
وجدت نفسي مضطراً لاستخدام يدي في الوقت الذي كان هو يعاني من استخدام الملعقة والسكين ، وحين شبعت – ولله الحمد – بدأت بلعق ما علق بيدي وأصابعي لعلي أدرك البركة كما جاء في السنة المطهرة ، فحدّ صديقي نظره نحوي حتى كادت أن تخرج عينيه من رأسه فعلمت أني قد وقعت في المحظور مجدداً ولكنه لم يكلمني واكتفى بلغة العيون.
انتهينا وخرجنا وركبنا ودلجنا عائدين وفي السيارة قال لي : بصراحة أخوي منقاش انت ما عندك ( إتيكيت ) ، فقلت له الصديق مرآة صديقه فعلمني ، فقال : تدخل رافع الرأس متثاقل الخطا لا تلتفت إلا للضرورة ولا تسلم إلا على معرفه ومن بعيد أيضاً ..
قلت : زدني ، قال : تترك ربع العصير على الأقل في الكأس ولا علاقة للتبذير في ذلك ، وكال لي الكثير من السلوكيات الخاطئة التي تتنافى مع ( الاتيكيت ) ، فقلت له :
يا حمود فن التكاتك ما عرفناله
ليت من علمك ياحمود علمني
لو كنت بلغتني ذالعلم برساله
ضليت اسوي كماك ولنت غالبني
في ذَا الزمن قيمة الرجال برياله
لو هو دجاجه تقول اسلوب وعاجبني