الصحافة والإعلام أو السلطة الرابعة ، مهنة المصاعب والعمل الشاق ، والتي تلعب دوراً كبيراً في إيضاح الحقائق وتسليط الضوء على مواطن الفساد ، وتعمل على النهوض بالمجتمع من خلال ملاحقتها لذيول الفساد ، وانتقادهم ، وعدم السكوت عن الأخطاء والتجاوزات التي يرتكبها المسؤوليين .
وتعد هذه المهنة من أصعب المهن وأكثرها إرهاقاً ومشقة ، فهي تحتاج للثقافة العالية ، والقدرة على تحمل الضغوطات ، ومواجهة التحديات .
ولقد ساهم تطور وسائل التكنولوجيا وظهور الإنترنت، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي في ظهور أناس تطفلوا على مهنة الإعلام ، فقاموا بإنشاء صفحات و قنوات لهم هاجموا من خلالها الإعلاميين والصحفيين ، ولم يتقيدوا بأخلاق هذه المهنة ، والسبب بكل بساطة جهلهم بقوانين الصحافة والإعلام ، فهم لم يقوموا بدراسة الصحافة ، ولم يطلعوا على دستورها ومبادئها .
وفي الوقت ذاته قد نجد عدد من الإعلاميين والصحفيين لم يستطيعوا التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل المثالي ، فأساؤوا استخدامها ، وبالتالي أساؤوا للمهنة ولم يتقيدوا بآدابها ، فأصبحت مواقعهم وصفحاتهم منبراً للمهاترات وانتقاد الزملاء ، وأصبح الإعلامي يبحث عن هفوات الإعلامي الآخر ليقوم بنشرها والتشهير به مستغلاً سرعة انتشار الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي ، الأمر الذي فتح المجال لانتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة ، وكل هذا يحدث أمام أعين الناس التي تتابع تلك المواقع والصفحات ، وتلعب الدور الأكبر في نقل الخبر دون التأكد من صدقه .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وحسب فلقد أتاحت هذه الوسائل الحديثة فرص الانتقام بين الصحفيين والإعلاميين ، فبعدما كانت الخلافات الصحفية والإعلامية تبقى ضمن إطار مؤسسة الصحافة والإعلام ، لا يعلم بها الناس ولا يطلعون على أسبابها ، وأسرارها وخفاياها ، أصبحت هذه الخلافات اليوم معروفة للجميع ، بل إن كل إعلامي يقوم باستخدام أوراقه لإسقاط زميله ، وأصبح تشويه الإعلامي لصورة زميله الإعلامي أمراً سهلاً .
لذلك فقد انتشرت الصراعات العلنية بين الإعلاميين والصحفيين الأمر الذي أساء لهذه المهنة المقدسة وأثر على مستواها ، وأفقدها شيئاً من مصداقيتها ، وساهم في تراجعها .
يجب على الصحفيين والإعلاميين العودة إلى الالتزام بمبادئ وأخلاقيات المهنة والتي تعرف بأنها مجموعة من القواعد والواجبات المسيرة لمهنة الصحافة ، والتي ينبغي على الصحفي الالتزام بها أثناء أدائه لمهامه ، بالإضافة إلى التزامه بالمعايير السلوكية والتي تقوده إلى إنتاج عمل ينال رضا الرأي العام .
كما يجب على الإعلاميين الوقوف وقفة رجل واحد لتخليص هذه المهنة من المتطفلين والذين يسعون لتشويه هذه المهنة من خلال سوء استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي ، وجهلهم بمبادئها ، وكما يجب عليهم حل مشاكلهم وخلافاتهم بشكل فردي ودون أن تعرض هذه المشاكل على وسائل التواصل الاجتماعي ، والابتعاد عن المهاترات التي تحدث على مواقع التواصل ، فإن هذه المهاترات تؤدي إلى الحط من قيمة المهنة وتشويه سمعتها ، وهي التي كان لها دور كبير في تسليط الضوء على عدد كبير من القضايا العالمية والإنسانية ، والمساهمة في حلها .
غادة العيدي
مقالات سابقة للكاتب