مع كل إجازة تشهد الأماكن العامة ولا سيما في مناطق السياحة في بلادنا (الحدائق، الملاهي، المنتزهات، الشواطى..) وغيرها من الأماكن التي ترتادها الأسر الباحثة عن التنزة وضعا استثنائيًا من عدد المرتادين، وهنا يظهر لنا التفاوت، وتنعكس لنا شخصية وثقافة وسلوك مرتادي هذه الأماكن من خلال تعاملهم معها.
هناك من لا تشتاق إليه الأماكن! كيف تشتاق إليه وقد تركها مليئة بالقاذورات والقمامة وبقايا الطعام؟ وجعل من هذه البقعة محرمة على من بعده وعصية على غيره، حتى تتمكن جهات النظافة من إعادتها إلى سابق عهدها.
وقد يصل بالبعض أن يجعل منها أثرًا بعد عين، لشدة ما أحدثته يداه بها من خراب، تكسير للمرافق والإضاءة وإشعال بغرض الطهي للنار على الرصيف، وذبح للذبائح، وما إلى ذلك، وكأن المكان تهيأ لمرة واحدة فقط، ويخرج بزيارته من الخدمة غير عابئ بما سببه بسلوكه هذا من تدمير للبيئة وللصحة العامة، وما خلفه وراءه من انتشار للميكروبات والفيروسات.
وهناك بحق من تشتاق إليه الأماكن؛ من أضاف إلى بهاء المكان بهاءً، وإلى جمال المكان جمالا، وإن لم يتركه كما وجده، تركه خيرًا مما وجده عليه، وأماط أذى غيره ليدعو له من أتى بعده.
مثل هذا النموذج الوضاء لا يساورنا الشك في سعة أفقه ووعيه، وفي وازعِه الديني الذي انعكس على سلوكه الراقي كمواطن صالح قدم واجبًا وطنيًا وأحسن في حق مجتمعه، وحافظ على بيئته التي سلامتها من سلامة وصحة المجتمع.
لمثل هذا نقول: الأماكن كلها مشتاقة لك.
فالح الهبتلي السلمي
مقالات سابقة للكاتب