الاختلاف الثقافي !!

ليس مستغرب أن نجد تسفيه الثقافات للآخرين المخالفة متأصل بنفوس أهل الآفاق الضيقة وأشباه المتعلمين ، فعادة الإرث الثقافي هو تراكمي عند كل أمة ويجد له تفسيرات عند اهله ، فالثقافة هي المشهد التي نرى الأمم من خلالها ، واحترامنا لها هو احترام للإنسانية وإرثها حتى لو أنها تخالف ثقافتنا جملة وتفصيلاً ، ولايحق لنا أن نلغيها أو نسفها بجرة قلم لأنها لم تأتي على ماتشتهي أنفسنا ، وغير هذا احترامنا للآخرين هو احتراماً لثقافتنا وعدم السماح للآخرين النيل منها أو من خصوصياتها ، ولايظن أحد انه بمنأى عن إيجاد ثغرات بثقافته من الآخرين والتهكم عليها ، وفتح باب السخرية والتسفيه عند كل أمة من الأخرى هو أول علامات النفور والنزاعات بين الأمم ، وبالتالي الوصول إلى حالة كراهية وعداء.

الأمة الإسلامية من بداية توسعها بالفتوحات على أيدي الصحابة ومن بعدهم التابعين احترمت هذا الاختلاف بالأمم التي اختلطت معها ، واحترمت حق تعبدهم وحق عاداتهم وتقاليدهم ولم تجبرهم على ثقافتنا ، فالفتوحات الإسلامية دخلت الشرق والغرب وبها أشكال وألوان من ثقافات مختلفة ، ومع هذا لم تزيل معبد أو تجبرهم على ترك ثقافتهم ، نعم احترام الاختلاف هو قمة التقدم والرقي وهو المقياس الذي من خلاله ينظر لنا الآخرين ، أما عكس ذلك فهو مايدخل الأمم بنزاعات لاطائل منها غير كسب عداوات كان يمكن تجنبها ، وأولى خطوات التربية السليمة التي يجب غرسها بعقول الناشئة هو تعلم ثقافة الاختلاف واحترامه لا أن نجعل منه مادة دسمة من السخرية والتعجب ! ..

ومايحصل اليوم من أزمات ثقافية لوطننا العربي هو نتاج تخلف ثقافي دخل لنا خلسة بعصور غاب فيها إرث تركه لنا سيد الخلق ، بدا آثاره السيئة بعالمنا العربي والإسلامي فـ شتت شمله ..

نعم إذا أردنا التفاهم مع الآخرين والتحدث معهم علينا أن نعي واقعهم الثقافي ، وليس من المقبول من اليوم أن نكون حبسين ثقافة الأبواب المغلقة والنظر للآخر بالتوجس والريبة دوماً إذا أردنا الوصول لعقولهم وقلوبهم ، وعصرنا الحالي يحتم علينا أن نعيش ونتعايش مع الكل .

عايد عيد المحمدي

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “الاختلاف الثقافي !!

ابراهيم يحيى ابوليلى

بوركت استاذنا القدير عايد وبورك قلمك هذا ما يجب ان تعمل الامة عليه هذا ما يجب ان نربي النشء عليه من البداية تقبل الاخر هذا حقا ما يعوزنا ونحن نتصفح قنوات التواصل نرى الكم الهائل من الحقد والبغض لثقافات الغير لا لشيء سوى الانغلاق الثقافي وحب الانا ونحن وتجد هذه الآفات من بعض المتعلمين والمثقفين كما يدعون وهم ابعد ما يكونوا عن العلم والثقافة ومنهم من يندرج تحت سلك تعليم النشء فكيف بربكم يخرج من ضاق افقه جيلا واسع الافق وفاقد الشيء لا يعطيه ان التقوقع في زاوية ضيقة من ثقافة وتقاليد اساسها منهار لا يمكن ان يبني جيلا يستطيع التعايش مع الآخر بل يحتقر كل ثقافة غير ثقافته المتحجرة والتقاليد والعادات التي عفى عليها الزمن بل جاء الاسلام ليضعها تحت قدميه لما فيها من تدهور للأخلاق والقيم التي يجب ان تمارس لكي يعيش البشر على هذا الكوكب الذي يسكنونه بشتى مللهم واجناسهم والوانهم يجب على المثقفين ثقافة حقيقة لا ثقافة الانا التي لا تأتي بخير ابدا يجب على هؤلاء ان يناضلوا لإزالة الشذوذ الفكري الذي يقبع في مخيلة بعض قصار النظر والمصابون بحول فكري ولا يستطيعون النظر لأبعد من انوفهم… استاذنا القدير ان مقالك يجب ان لانمر به مرور الكرام بل يجب ان نشيد بقلمك الحر الذي ينادي بتعدد الثقافات ولا يجب ان يفهم قصار النظر والفكر بانني انادي بدمج كل ثقافة مهما كانت رديئة بثقافتنا ولا يجب ان نكون امعات… بارك الله فيك وفي رأيك استاذنا القدير عايد وشكرا لصحيفة غران التي تنتقي الكتاب المتميزين ليطرحوا على صفحاتها كل ما يفيد الناس لكم مني جزيل الشكر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *