مهنة الطب مهنة إنسانية عظيمة مهما اختلفت ميادينها، فيها تتشكل أسمى معاني النبل الإنساني وأسمى القيم التي يتحقق معها للإنسان إنسانيته بمساعدته غيره على تجاوز ألمه ومرضه، ناهيك عن الأجر العظيم الذي يثاب عليه الطبيب أو الطبيبة.
واليوم لن أتحدث عن الطبيب بل عن الطبيبة والممرضة وكل أخت تعمل في مجال الطب؛ فماذا عن الطبيبة والممرضة؟ وما حال البعض معهن في مجتمعنا؟
فالبعض في مجتمعنا اليوم يكون ضد أن تكون ابنته طبيبة أو ممرضة بكل ما أوتي من قوة وعزم، وكأن ابنته أو أخته أو حتى قريبته ستكون عدوة له إذا ما عملت في مجال الطب، وكأنها ستجلب له ما يسوء به وجهه ويسود إذا عملت في مجال الطب أو حتى درسته، مالهم كيف يرون هذا العمل الإنساني العظيم من ناحية ضيقة الأفق عليلة النظر سقيمة الفكر وعقيمة الفائدة، هل أصبح تمريض الناس ومعالجتهم عمل يخجل أو يتعوذ منه؟ هل في الطب عيب؟ هل في الطب شر؟ أجيبوني يا من قرأتم مقالي.
أمن المعقول أن أمنع الخير عن الناس بحجج واهية لا قيمة لها؟! حجج تمتطيها الرجولة الزائفة في عقول البعض فتجعلهم تائهين عن حقيقة الأمر وعظمه؟! إن في مهنة الطب يا أخواتي الطبيبات والممرضات شرف عظيم وخير كبير وأجر عظيم، فهنيئا لكن يا من في هذا المجال العظيم تتعلمن وتعملن.
ولكل من يرفض أن تكون ابنته أو أخته أو حتى قريبته طبيبة أقول له: إن من الصحابيات الجليلات طبيبات لا يشق لهن غبار! كن يداوين المرضى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يمنع الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يحرمه، فلماذا تحرم ما لم يحرم الله ورسوله؟ لماذا تخجل منه ؟ لماذا يقشعر بدنك عندما تقول لك ابنتك أو أختك أن حلمها أن تكون طبيبة؟ أمن هذا الحلم يقشعر بدنك ولا يقشعر من عذرك العقيم؟ أتعرف ما معنى أن تكون ابنتك أو أختك تحلم أن تكون طبيبة أو ممرضة؟ هذا يعني أنها تحمل في دواخلها نفس إنسانية عظيمة ونبلية، وفي عقلها أحلام كبيرة تنام وتستيقظ على التفكير بها، فلا تقف أمام هذه النفس الطيبة وأمام هذه الأحلام الكبيرة.
أتعرف يا هذا كم وكم من الساعات يسهر من أراد أن يكون طبيبًا؟!، أتعرف كم وكم من الجهد والتعب والأرق يتحمل من أراد أن يكون طبيبًا؟!،إن الأمر ليس بالسهولة التي تتوقع، وليس بالصعوبة التي تتوقع، بل إن الأمر يحتاج منك فكرًا راقيًا وكلمة طيبة، هذا ما تحتاجه أختك منك أو ابنتك التي تحلم أن تكون طبيبة، وكل الجهد والتعب والسهر ليس أصعب عليهن من رفضك أنت وغيرك لحلمهن من رفضك أن تكون أنت وغيرك أخواتكم أو بناتكم طبيبات أو ممرضات يا له من فخر وأي فخر ابنتي أو أختي طبيبة كنتِ أو ممرضة.
الفخر كل الفخر لك عندما تجد ابنتك أو أختك طبيبة تداوي أوجاع الناس وممرضة تخفف عنهم ألم مرضهم، كم من الأجور والدعاء الطويل الذي سوف يدعوه المرضى لك ولابنتك أو أختك، ألا يستحق ذلك الأجر منك ومن غيرك الموافقة ومنهن الصبر والمثابرة في تحقيق الحلم والهدف النبيل الذي يسعين إليه.
كواكب المجرة تزين ظلامها ونجومها أشد ضوءا من كواكبها، ونحن على هذه الأرض بيننا طبيبات وممرضات كالنجوم في السماء يشتعلن تعبًا وجهدًا وعرقًا وصبرًا لكي تنير سمائنا بالعلم، ويسكت الألم عن مريضنا، وينجو بفضل الله منا ثم بجهودهن من حاصره الموت، صدقني مهما تحدثت عن مهنة الطب وشرفها لن أوفيها حقها ولا حق كل أخت في مجتمعنا في هذا المجال النبيل سواء كانت تعمل أو لا زالت تتعلم فيه ، ولا يسعني في هذا المقام سوى أن أقول لأخواتي الطبيبات والممرضات شكرا لكن شكرا لكل ما تقدمنه من عمر ثمين وصحة تستنزف منكن لتتعلمن هذا العلم الجليل، وأقول لكن أمضين في طريقكن، فأنتن نجوم السماء وأعالي القمم، أنتن الفخر والمجد ،أنتن العلم ونبراسه، وأنتن خير مثال لمن يأتين بعدكم من البنات يردن أن يصبحن طبيبات أو ممرضات في يوم من الأيام .
لا تستسلمي أخيتي مهما طال دربك ففي النهاية ستحققين مرادك،لا تهتمي لما يقال عن مهنتك من بعض أبناء مجتمعك – هداهم الله – هم جهال، والجاهل وقوله لا يسيء للعلم ومتعلمه، بل يعرف المتعلم جليل علمه من بغيض أقوالهم، فما ينقص الزاد كثرة الكلام ولا يزيد في الزاد قلة الكلام، وأنتن اجعلن زادكن التوكل على الله عزوجل سبحانه جل في علاه وكن واثقات تماما أنكن سترين أحلامكن على أرض الواقع.
إبراهيم سيدي
@abr14ab
مقالات سابقة للكاتب