من المؤلم أن تخسر أشياء لم يكن في حسبانك خسرانها! وأن تفتح عينيك على واقع لا تريده، وأن تتذكر إنسانًا رحل بلا عودة!، وتتمنى عودة زمانًا جميلًا انتهى! وأيضًا تضحك بصوت مرتفع حتى تخفي حزنك! فترتدي قناع الفرح حتى تخفي ملامح حزنك!
ذهبت من كانت جميلة بكل تفاصيلها، أفتقد روح إنسانة بريئة كانت تمتلك كل جمال الحياة من أخلاق وتعامل ولُطف، كانت تعاني من السرطان، لديها طفلة حنونة لا تعلم عن حالة والدتها، أتذكر ذلك اليوم عندما علِمت بخبر وفاتها ، أُصبت بغيبوبة خرجت وأنا بصحة وعافية ولكن لم أنسَ والحزن كاد أن يقتلني تلك الأيام السيئة!، يجب ألا تعود!، الجميع كان يبكي بحرقة! ألا ليت السرطان يصاب بالسرطان ويموت!
كنا معًا دائمًا نتقاسم الأفراح والأحزان، نحاول أن نسرق من أيامنا لحظاتٍ جميلة، نحاول أن تكون هذه اللحظات طويلة! نحاول أن نحقّق سعادةً! حاولنا دائمًا أن نبقى معًا لآخر العمر، لكن لم يخطر ببالنا أن اللقاء لا يدوم! وأن القضاء والقدر هو سيد الموقف! وأنه ليس بيدنا حيلة أمام تصاريف القدر وتقلباته!
لم ولن أنسى ذلك اليوم المشؤوم واللحظة السوداء! عشت فاجعةً لم أفق منها بعد.. ولم أصدقها! تلمّست جبينك الطاهر ورأيت بسمةً لن أنساها ماحييت! لم يكن بوسعي إلا أن أستودع روحك الطاهرة لرب السماوات وأن يعوضك بفردوس وروح وريحان.. فمثلك لا يستحق العيش إلا بجنات النعيم، ولكن كيف لنا أن نعيش بدونك؟!
فقدك فاجعة لن نشفى منها أبدًا، تمر الأيام على أمل أن يخف وجع قلوبنا، ولكن في أي مكان وأي زمان نعيش ذلك الفقد، كنت أعيش كل مساء بوجودك وكأن كل مساءٍ لكِ أنتِ.. وكل مساء يمر دونك أتجرَّع فيه مرارة فقدك، ليت ذاك المساء يعود!
فلتأخذي يا دنيا ما تريدي وأرجعي لي مساءً بضحكتها وأملها الذي كلما رأيته في عينيها تسلل داخلي وعشته! عد إلينا يا ذاك المساء اجعل ضحكاتنا يُسمع لها صدى، ولكن لا حيلة ولا مفر.. وارى جسدها التراب ولم يعُد بأيدينا إلا الدعاء!
نعم رحلت وتركتني، ولم يبقَ لدي إلا صورها، أسترجع ذكرياتي الجميلة، واللحظات الحلوة التي جمعتنا معًا، كم فرحنا، وكم بكينا، وكم واجهتنا صعوباتٌ اجتزناها معًا، لكن علّمني هذا الزّمان أنّ الحياة ليست إلّا مجموعة صور! “بجوار قبرك كل القبور تآنست بالخير والإحسان .. رحمك الله وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنه”.
حمود محمد الصعيدي
مقالات سابقة للكاتب