حدث في مثل هذا اليوم: صلاح الدين يُسقِط الدولة العبيديّة بمصر

كانت الدولة العبيدية الشيعية في مصر والملقبة بالفاطمية تعيش مرحلة الاحتضار، وأصاب الوهن “خلفاءها” وصار الوزراء لهم من القوة والنفوذ ما ليس لهؤلاء الخلفاء، بل إن بعضهم صار يعين الخلفاء، وبالفعل عين أحد الوزارء خليفة صغير في السن لُقّب بالعاضد لدين الله.

وكان “شاور” واليًا على الصعيد، لكنه استبد بمنصب الوزير بالقسر والقوة، وقبل أن يهنأ بمنصبه خرج عليه “ضرغام” وخلعه وجلس مكانه في كرسي الوزارة، ذهب “شاور” إلى نور الدين زنكي حاكم  الشام المجاهد والبطل السني الشهير، واستنجد به كي يعيده إلى كرسي الوزارة، فوجدها نور الدين فرصة سانحة للسيطرة على مصر وضمها إلى ولايته كي يتقوى على جهاد الصليبيين، وبالفعل أرسل نور الدين جيشًا شاميًا بقيادة “أسد الدين شريكوه” ويرافقه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي واستنجد “ضرغام” بالحاكم الصليبي “عموري”.

وبعد مساجلات ومناوشات نجحت القوات الشامية في التغلب على “ضرغام” وحلفائه الصليبيين، ونصبوا “شاور” وزيرًا على مصر، لكن سرعان ما انقلب “شاور” على الجيش الشامي وأخلف معهم العهود، بل واستنجد عليهم هو الآخر بالصليبيين، فوقعت مساجلات حربية أخرى، انتهت بهزيمة “شاور” ومقتله، وتم تنصيب أسد الدين شيركوه وزيرًا على مصر، وحاكمًا فعليًا للبلاد في ظل حكم صوري للخليفة العبيدي.

ومات أسد الدين شيركوه، وخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، وشرع صلاح الدين منذ أن اعتلى كرسي الوزارة في تثبيت مركزه في البلاد، وتقوية نفوذه وسلطانه؛ فاستمال قلوب الناس نحوه بحسن سياسته، وكسب ثقتهم بعدالته ونزاهته، وعمل على إمساك زمام الأمور في يده، وإحكام قبضته على شؤون الدولة؛ فأسند مناصب الدولة إلى أنصاره، وأبعد كبار رجال الخليفة عن القاهرة، وأضعف نفوذهم، وأخذ إقطاعاتهم ومنحها لرجاله وقواده، ومنع الخليفة من الاتصال بالناس؛ فصار سجين قصره، وجعل اسم نور الدين محمود يأتي في الخطبة بعد الخليفة الفاطمي.

أثار ذلك حنق أهل القصر وأتباع الخليفة الفاطمي وجنده من السودان؛ فدبروا مؤامرة لاغتيال صلاح الدين في أواخر سنة 564هـ غير أنه علم بالمؤامرة؛ فقبض على زعيمها، وقمع الثائرين عليه، ثم خطا صلاح الدين خطوة كبيرة نحو القضاء على الدولة الفاطمية بإحلال المذهب السني محل المذهب الشيعي؛ فعمل على إنشاء المدارس لتدريس المذهب السني، بل عين قاضي قضاة مصر من المذهب السني، وأصبحت الديار المصرية سنيةً بصورة شبه رسمية، ولم يتبقَ من المذهب الشيعي سوى الدعاء للخليفة العبيدي.

وأمر نور الدين زنكي قائده صلاح الدين بقطع الدعاء للخليفة العبيدي والدعاء للخليفة العباسي بدلًا منه، لكن صلاح الدين تردد بسبب خوفه من حدوث قلاقل في البلاد، لكن مع إصرار نور الدين، وفي مثل هذا اليوم الجمعة 10 من محرم سنة 567هـ أمر صلاح الدين الخطباء في مساجد الفسطاط والقاهرة بإسقاط اسم العاضد من الخطبة، وذكر اسم الخليفة العباسي محلّه، معلنا بذلك نهاية الخلافة الفاطمية، وعودة مصر إلى الخلافة العباسية بعد ما يقرب من قرنين من الفراق.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *