حنان البنت ..

كلنا يعلم أن هبة الذرية هي نعمة من الله عز وجل وليس للمرء يد في ذلك ، فالله تعالى هو واهب الإناث والذكور ، وهو كذلك بحكمة تخفى عن الإنسان .. فقد قال تعالى اسمه وتقدست صفاته ( لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (50)  .. إذن على الإنسان أن يسلم الأمر لخالقه ويرضخ لمشيئة مولاه ..

ولو تفكر الإنسان ملياً وأمعن العقل الحصيف لوجد لما لا مجال فيه للشك أن البنت تحمل من الحنان والعطف لوالديها أضعاف ما يحمله الولد ، وأنا هنا لا أعمم أبداً ولكن في الغالب ، وتميل البنت إلى أبيها ميلاً شديداً ربما لما حبا الله المرأة من حنان لتركيبتها الفسيولوجية ..

ولقد تجنى الجاهليون على المرأة أيما تجني وعلى البنت بالذات حتى وبخهم الله في كتابه وعاب عملهم الظالم ذلك ، إذ كانوا يحتقرونها ويرونها أقل شأناً من الانسان وصفاً منهم للرجل  وليس عند العرب فحسب بل في معظم الثقافات حتى لقد اعتبرتها بعض الكنائس المسيحية بأنها مجرد كائن شيطاني وكذبوا وتاهوا في الضلال حتى أنساهم توهانهم أنهم متولدين من امرأة وكان الأجدر بهم أن يصفوا أنفسهم بالشياطين لأنهم بضعة ممن وصفوها بالشيطان ، وكذلك وبخ الله سبحانه وتعالى الجاهلين ووصف حالتهم حين يبشر أحدهم بالأنثى كرهاً لها واشمئزازاً وتطيراً لمقدمها …

وعندما أقول أن البنت أحن على الأبوين وبالذات في حال كبرهما ، ففي حين يتزوج الولد ويذهب ليتمتع بعيداً عن الأبوين نرى البنت تلازم أبويها وتقتطع من سعادها وهنائها لتمنحها أبويها ، وكم رأينا من تضحيات لهذه الانسانة النبيلة التي خلقها الله من رحمته .. نعم لقد ضحت وهي أم وضحت وهي أخت وضحت وهي زوجة ولكن تأبى بعض الفطر المعوجة إلا أن تجعل منها كائن أقل شأناً من الرجل ، والإنصاف يقول أنها في بعض الأحيان إن لم يكن في كل الأحيان أعظم منزلة وأرقى شأناً من كثير من الذين يدعون تمييزهم وارتقائهم عنها..

والذين جعلوا من المرأة سلعة ليملئوا جيوبهم وأياديهم الآثمة واستغلوا ضعفها في تقديمها على أنها سلعة رائجة بل ويروجون بها سلعهم كما نرى في الدعايات والإعلانات التجارية ومسابقات ملكات الجمال وصالات عروض الأزياء وما إلى ذلك مما لا يخفى على عاقل أنار الله بصره وبصيرته وأظهر له الحق جلياً ..

المرأة هي الكائن الأكثر روعة في هذا الوجود .. هي الأم التي قرن الله رضاها برضاه .. المرأة التي ولدت وربت رجالاً أناروا الدنيا بعلومهم .. المرأة هي التي ولدت العباقرة … المرأة التي تمسك بإحدى يديها سرير طفلها تهدهده ليغفو قرير العيان وتمسك باليد الأخرى بيرقاً لتسلمه له حين يكبر ويملؤ الدنيا علماً وخلقاً وحضارة .. فماذا تستحق هذه الإنسانة ..

هل تستحق أن يتخذها أي أب جحود جشع ليشبع بها نفسه النهمة لجمع المزيد والمزيد من الأموال بتعبها وشقائها ووأد سعادتها وهنائها أملاً في الغنى .. ما هكذا يكون رد الجميل أيها الجاحد نعمة ربه .. والوأد في زمننا هذا وما كان في الجاهلية سيان وإن اختلفت الظروف وسبل الوأد والتجني ..

البنت هي من إذا أقبل الأب من يوم عمل شاق استقبلته بابتسامه ملؤها الحنان والحب والرحمة ما ينسيه كل أهوال يومه ، وتسري ابتسامتها الرقيقة الدافئة في جنبات جسده المنهك المتعب فيشعر ببرد الراحة والسكينة والطمأنينة والسلام..

هذه البنت هي التي يجب أن تمنح كل الرعاية والعناية ومن أراد المكافئة على تربيتها والعناية بها فقد أعطاه الله ذلك .. ألم تسمعوا حديث الرسول الكريم الذي جاء بدين ودستوراً من عند ربه أعطى الرجل والمرأة الحقوق .. ليست الحقوق التي ينادي بها عباد الشهوات بل المساواة في الثواب والجزاء اللذان كفلهما الله لكلا الجنسين ..

نعم قال الرسول ﷺ ( عن أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من عال جاريتين ) أي : أنفق عليهما وقام بمؤنتهما ( حتى تبلغا ) أي : تدركا البلوغ أو تصلا إلى زوجهما ( جاء يوم القيامة أنا وهو كذلك ) أي : جاء مصاحبا لي ( وضم أصابعه ) أي : أصبعيه ( رواه مسلم ) .

اذاً فليكف عنا المنادون بمساواة هي أشبه بالإهانة للمرأة عوضاً عن المناداة بحقوقها ، فقد كفل لها الدين الحنيف من الحقوق لو اجتمع كل أهل الأرض ليكفلوها لها لأعجزهم ذلك .. ولتدرك المرأة المسلمة أنها مستهدفة ولتكن من الحصافة ورجاحة العقل ما يفسد على المتآمرين مؤامراتهم التي تحاك ضدها ويرفعون عقيرتهم والله أعلم بما يصفون ويريدون .

تحية للمرأة … أماً …. وبنتاً …. وأختاً … وزوجة …. تحية إجلال وإكبار لمن عانت وسهرت وتعبت ليرتاح العالم بأسره.

إبراهيم يحيى أبوليلى 

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “حنان البنت ..

إبراهيم مهنأ

جزاك الله خيرا على هذه الكلمات الصادقة
رزقنا الله وإياكم ذرية صالحة
ففي البنت والإبن إذا صلحا خيرا كثيرا

وضاح

استاذنا الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتك وحفظ الله كل عزيزا لديك مازلت اعلنها على الملا مقالاتك لا امل من قرائتها مرات ومرات وكل مره اكتشف دررا نفيسه وجواهر مكنونه ولا اخفيك سرا كم انتظرها بشوق وامنيه اتمنى ان تتحقق وهي كتابه مقاله يوميه نجد فيها النصح والتوجيه والتنبيه والتحذير لاننا اصبحنا في زمن تغيرت فيه المفاهيم واختلت الموازين وانعكست الفطره زمن المتغيرات والغفله بسبب كثرة الملذات وتزيين الشهوات
استاذنا الفاضل العذر على هذه المقدمه التى قد لا تليق بجمال وروعه وتميز مقالتك التى تتحدث فيها عن قرة العين وثمرة الفؤاد وزهرة العمر والورود النقيه الطاهره
الام والزوجه والبنات
كلمة امي اكتبها بمداد من قلبي آآآه يا امي الغاليه لقد عجز اللسان عن الكلام والعقل عن التفكير والمشاعر عن التعبير لاعبر لك عن حبي وتقديري يا اغلى من النفس واعز من الروح يا عطاء وحب بلا حدود صدقوا يا امي حينما قالوا ان الاشياء الثمينه لا تتكرر مرتين لذالك لا املك الا ام واحده لها الشوق يتجدد عذرا يا امي لا استطيع ان اوفيك حقك مهما فعلت عذرا يا امي لقد ارهقتك في يوم من الايام حينما داهمتني نوائب الدهر واوجاعه فكانت دعواتك بعد الله العون والسند امي كم اتعذب حينما اتذكر باننى في يوم من الايام غرست هم في قلبك بسبب قدره الله والحمد الله على قضائه وقدره
امي لم اخفيك سرا حينما اخبرتك بما حل بي من قضاء وقدر كنت متشبث بالامل في الله وثم في دعائك والحمدلله ازمه وعدت على خير
امى يعلم الله حينما اكتب او اتكلم عنك تسبق الدموع الكلمات كم اشتاق اليك وانا بقربك فكيف في البعد يااارب امطر على امى سحائب كرمك ونظرة من رضاك ورحمة من خزائنك فانت العليم بانه مهما عملنا واجتهدنا في برها فلن نجزيها ولو الشي القليل مما امرنا به الله من برا وطاعة لها وما نقول الا اللهم ارزقنا برها ورضاها

الزوجه رفيقه العمر وصاحبة رحلتنا في الحياه تقاسمنا معها حلو الايام ومرها عاشت معنا قسوة الحياه ويسرها
بلسم الجراح ومستودع الاسرار وبستان السعاده
اما البنات الطف الكائنات كنت وما زلت ارددها لبناتي يعلم الله يجب علينا غرس مخافة الله وتقواه والقيم وعزة النفس والشموخ ومحبة الناس والعطاء وقول الحق ولو كان مرا ولين الجانب وسعه الصدر والتغافل عن الزلات
اسأل الله ان يحمى بناتنا وبنات المسلمين عن زيف الشياطين ومكر الخديعه وان لا تغلبهم انانيتهم في قضاءالحوائج وان يرزقهم الهدايه ويزرع فى قلوبهم التقوى ومخافة الله
استاذى الفاضل اعتذر مرة اخرى بتعليق لا يرتقي لمستوى مقالتك وحينما كتبت عن الام في تلك اللحظه لم اتخيل الكتابه بل اتحدث لامي الغاليه حينما من الله عليه بالشفاء بعد عمليه دقيقه كانت نسبة النجاح لا تتجاوز واحد فالمئه وان نجحت فالاعراض ما بعد العمليه مفزعه جدا ولابد من العمليه فقررت ان اتكل على الله واعملها وان ابلغ ابي وامي لانني في امس الحاجه لدعائهم وان قدر الله وتحقق ما توقعوه الاطباء اموت وهم راضين عنى فالحمدلله نجحت العمليه ولم تكن هناك اعراض جانبيه على الاطلاق بفضل من الله وثم بدعاء الوالدين فادعوا الله من كان مقصر في حقوقهم ان يغتنم الفرصه ويسارع لبرهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *