إن المتأمل في الردود على موضوع المعلمة المعتدى عليها يجد ما يثلج الصدر ويعكس رد المجتمع الواعي، لكن يستغرب جداً عندما يجد بعض الردود تقف في صف الأم، ومهما كان السبب وبأي حجة كانت وتحت أي ظروف لا نجد تبريراً لهذا الاسلوب اللاواعي.
المتأمل أيضاً في الوضع الحالي للمدارس والطلاب والطالبات والأهالي يجد من العجب ما قد يحدث خللاً، فعندما يعود الطالب إلى منزله بعد يومه الدراسي تجد الأم أو الأب يبدآن في طرح الاسئلة على ابنهم او ابنتهم عن أحداث اليوم الدراسي، ويبدأ الطالب في السرد ولو حدث أهله أن فلاناً ضربه تثور الثائرة وحالاً يكون رأي الأب أو الأم أن المعلم أو المعلمة الفلاني مخطئ وظالم، وقد تُكال التهم بلا تردد، كل هذا والابن يسمع ويكبر في نفسه شيئاً من الفرح والفخر مما قد يجعل الطالب خاصة صغير السن قد يخترع حتى ما لم يكن ليزهو أكثر.
لكن الواجب على الأم أو الأب أن يسمعا لابنهما وهو صامت لا يبين له أنه على حق، حتى لو كان كذلك، ومن ثم إذا كان الموضوع يستدعي التدخل يذهب بكل احترام إلى المدرسة ويعالج الموضوع بكل حكمة، وإذا لم يتم الحل في المدرسة فمعروف أين يتوجهوا، لكن لو فعلنا كلنا مثل تلك الأم ماذا سيحدث؟ ستكون فوضى وكلنا آباء وأمهات لطلاب وطالبات لو أطلقنا أيدينا بلا وعي أو تفهم ستكون كارثة، عندما يأتي الابن شاكياً لابد أن تسمع من الطرف آلاخر قبل الحكم.
لست معلمة ولا أقف في صف المعلمة، أنا أم أيضاً وأسمع في مجالسنا حديث الأمهات، ونسمع ما يدور، وبعض الأمهات هداهن الله لا تفكر حتى في سماع شيئ ضد ابنها او ابنتها وكأنه منزه لا يخطئ، والبعض يركز على أشياء عاديه تحدث بين الطلاب ويتم حلها في المدرسة، ولا يملك نفسه من حشر أنفه والتدخل فيما ليس من اختصاصه، أنت أرسلت ابنك او ابنتك وتعلم ما قد يحدث في مجتمع المدرسة؛ فعوده أن يتحمل ويتعامل باحترام أو أمسكه في البيت تحت نظرك لا يلمسه أحد، فكونوا واقعيين عقلانيين بلا تسرع ولا وقوف تام مع الأبناء والبنات بلا تثبت أو دليل.
والمتأمل في سلوك الأبناء والبنات في المدارس يسمع ويرى العجب؛ لم تعد المدارس كما كانت، قل الاحترام من الطلاب لمعلميهم، وزاد تشجيع الأهالي على ذلك بالحديث مع الأبناء في المعلم والمعلمة الفلاني وكيت وكيت، فلابد من رأب الصدع وتدارك الخلل، وعلموا أبناءكم الاحترام المفقود مع الأسف في أغلب المدارس من الطلاب والطالبات، لا نعمم، لكن بدأ الخلل ونخشي أن يتفاقم.
لابد من التعاون، ضعوا أنفسكم مكان المعلمة المعتدى عليها، ضعوا أبناءكم مكان الأطفال الحاضرين وما أصبح لديهم من صورة لن تمحى.
هذه الحادثة ينبغي ألا تتكرر في مجتمع مسلم؛ قبل كل شئ لا يضيع فيه حق، وكل إنسان واعي يعرف كيف يأخذ حقه بعقلانية، أين حق أخيك لا يظلمه ولا يحقره ولا يشتمه؟ أرى كل ذلك وقع في هذه الحادثة.
وأيضاً مجتمعنا القبلي لا يرضى بهذا الأسلوب وتلك الطريقة، حتى الأمور التي تحل بين الناس دون اللجوء الى إدارات ومحاكم تحل بكل عقلانية.
ما حدث يأباه كل عقل ولا يوافق عليه إلا مسكين فقير الفهم والإدراك، لابد أن تنصف المعلمة ويرد اعتبارها، لابد من علاج نفسيات الطفلات، ولابد من وقفة مع تلك الأم، وأن تعلم أنه مهما كان ما حدث فإنه لا يبرر فعلتها المشينة.
حجازية