طبيعة البشر متغيرة ومتطورة ، وتحديد إن ذلك التغيير إيجاباً إذ وضع على طاولة تحكيم محايد يصعب عليه أن يوافق بأن تلك الأفعال محافظة للطبيعة الكونية ، نعم البشر يُهيأ لهم أنهم في تطور وأن كل ذلك التغيير للأفضل وهو كذلك ولكن بالنسبة لهم لا لهذا الكون ، فالكثير من الحقائق متغيرة وليست ثابتة وتختلف من عقل إلى عقل .
الطبيعة البشرية في الأصل لاتحافظ على ماهي عليه من الموجودات حولها بل توجب التغيير في هذه الأرض حتى فقدنا الكثير من الحيوانات التي انقرضت ، وفقدنا الكثير من ثقافة الحفاظ على البيئة وعلى موجودات وخصائص هذه الأرض ، فمن هذا المبدأ والمنظور بشكل محايد ‘ فالإنسان أشر المخلوقات في إخلاف طبيعة الأمور وطبيعة الأرض ‘ ، وبالطبع الإنسان الحديث والمتمدن هو من أصب على جباهه حديثي ، هو يحاول تغيير الكون وإحداث موجودات مختلفة مصنعة وكأن هذه الأرض لاتعجبه ولاتليق به .. اختفت الكثير من الأمور وأصبح هناك الكثير من الموجودات الحديثة .
ما أفعله الآن في هذا المقال التأمل في الصفة البشرية بشكل عام ، وما توصلتُ إليه خلال أيام قليلة أن الإنسان هو أكثر المخلوقات للأرض عداوة .. هو نفسه يظن أنه ذكي بأفعاله ، ولذلك أتت الأديان السماوية لكي تضبطه وتعلمه حتى أصغر الآداب ..
من الحكم المذكورة في القرآن : { إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً } ، فهذا طبع الانسان وهذه فعلاً حقيقة ولم يذكر القرآن ذلك إلا وذكر الدواء بعده ، ودواء هذا الجزع والهلع : ( إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) .
الشياطين لم تعد تهتم بالكثير فهي تحاول مراوغة المتمسكين بشعلة الإيمان لكي تضللهم ، وأما بالنسبة للكثير الضال فلا ضلال بعد ضلاله ، أصبحت الأمور وكأن الانسان يمتلك أجزاء من الجن وهو كذلك ، فالإنسان يملك الشر والخير في داخل قفصه الصدري والجمجمي ، أعتقد أن الحيوانات منسجمة مع ذاتها ومع الطبيعة ، والإنسان غير منسجم مع ذاته بالتالي مع الطبيعة أي غير منسجم وجودياً.
الحيوان منسجم متمسك بسلوك طبيعي معلوم بعكس الإنسانية بشكل مطلق .. لم ولن نعرف لها أية قيم وأخلاق ثابتة، فـ الأسود نعرف نميزها بسلوكها الثابت الواضح إنما الإنسان لن تأمن شره لأنك لن تعلم سلوكه وكل ماهو مذكور عن الإنسان في العلم الحديث ومحاولات الفلاسفة القدماء لا إثباتات حسية لها في هذا المجال .
في عموم الأمر أؤمن أن هذا المنطلق بدأ تنسيق ورسم خيوط التحليل لافتعالات الإنسان في هذه الأرض ، ولكي نحدد ونرسم في خارطتنا الذهنية عن ذلك يجب أن نبدأ بصناعات الإنسان التي تُحدث التغيير ، وقبل ذلك أريد أن أنوه أن العلم والتطور له فوائد ولكن يجب أن تكون بحدود محافظة ، تطور ولكن بدون أن تهدم الطبيعة والأرض والموجودات والكائنات لكي تبني شيء ، الإنسان الآن يصنع مطهرات للأجواء تطهرها من الكربونات الصناعية ، إذاً فلماذا هذا التلويث من الأساس الذي أصبح يصيب ٣ ملايين من سكان العالم بالموت كل عام .! لماذا لم تكن البداية محافظة في صناعة الجديد ، وهذا هو حدود الخيال في هذا المقال عن نقد الصناعة والإنسان ، وسوف نكمله في المقال القادم بعون الله بعنوان “فلسفة نقد الإنسان والصناعة ( 2 )”.
مروان المحمدي
مقالات سابقة للكاتب