في الثمانينات الميلادية قرر “مناحيم بيجن” رئيس وزراء الكيان الصهيوني نقل مقر رئاسة حكومة الاحتلال من تل أبيب إلى القدس لتصبح عاصمة للكيان الصهيوني، عندها اجتمع الملك فهد – رحمه الله – بالرئيس صدام حسين في حفر الباطن و خرجوا بقرار من سطر واحد “سيتم مقاطعة أي دولة تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وسحب كامل التمثيل الدبلوماسي السياسي منها”.
ثم تراجع الكيان الصهيوني لعدم تجاوب المجتمع الدولي معهم لعدم جدوى ذلك وفقاً للعرف الدبلوماسي، حيث لا يمكن أن تخلو العاصمة من السفارات “التمثيل الدبلوماسي”.
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لن يجعلها عاصمة للكيان الصهيوني ما لم يتم نقل مقر رئاسة حكومة الاحتلال، وبالتالي سفارات جميع دول العالم التي لها تمثيل دبلوماسي في عاصمة الكيان الصهيوني “تل أبيب”.
غرابة القرار الأمريكي لا تكمن في القرار الأمريكي أكثر مما صاحبه من ردة فعل البعض، و كأن جيوش قطر وإيران والبوارج الحربية التركية وكتائب الإخوان وفدائين العرب الأشاوس كانوا على بعد شبرين من إلحاق الهزيمة بجيوش الاحتلال المحاصرة في تل أبيب، لتأتي السعودية والإمارات ومصر لتنقذ الصهاينة وتنقل العاصمة من تل أبيب كونها دمرت بسبب الهجوم العنيف من قوات تحالف “قطراني تركواني” الذي بالفعل بنوا وعمروا القدس وجعلوها أجمل مدينة عالمية مجهزة بأحدث التقنيات الفنكوشية.
كنت أعتقد أن الذاكرة العربية “سمكية” فقط، لكن بعد اندلاع الحريق العربي وما تبعه من أحداث إلى يومنا هذا أدركت أن المشكلة ليست بالذاكرة إطلاقاً؛ بل إن جهاز الاستقبال “الريسيفر” في عقول معظم العرب معطل تماماً لا يستقبل الواقع الدامي ولايتعاطى معه بوعي كامل، و الأسوأ من ذلك أنه مبرمج ضد المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة، حيث إن هذا يظهر جلياً عندما تحل السعودية أي أزمة بثقلها السياسي تراهم يهتفون ضد المملكة في الشوراع باعتبار أنه تدخل في شؤونهم الداخلية، وعندما نتركهم لشأنهم فيقع عليهم ما يقع يلقون اللوم على السعودية تاركين الجاني عليهم يتلذذ بجريمته.
قضيتنا الأهم الان تتمثل في التخلص من التمدد المجوسي، إيران أوصلت السكين إلى حلوقنا قتلت ١٠٠ ضعف مقابل ما قُتل من قبل اليهود منذ بداية الاحتلال الصهيوني، ملايين المسلمين العرب تم تهجيرهم بسبب إيران والحريق العربي الذي قدم العالم العربي على طبق من ذهب لإيران.
بخصوص فلسطين بكامل مساحتها هي حق عربي، وليس فقط القدس الذي بالأساس هو تحت تصرف النفوذ الصهيوني في واقع الأمر فما الفرق بين أن يداوم (رفلين ونتنياهو في تل أبيب أو القدس المحتلة؟ فالمسافة بين المدينتين ٥٠ كيلو فقط).
إذا وقع الأمر وتم بالفعل وفقدنا الآذان في المسجد الأقصى المبارك أتمنى أن يعمل جهاز الاستقبال في العقل العربي ويدرك الواقع وأن معركتنا الحالية يجب أن نحسمها مع إيران ليلتئم الجسد العربي ويتعافى من جديد، فهذا كفيل بأن ينهي الوجود الإسرائيلي في الأراضي العربية بحلول أعوام قليلة.
فالقدس لن يتحرر بسلاح هي مسألة وقت فقط فسيتلاشى الكيان الصهيوني مرغماً لعوامل ديموغرافية تهدد الوجود الصهيوني بفلسطين.
الآن معظم الشعب “الإسرائيلي” اليهودي يحمل جنسيتان؛ جيل الشباب يغادر الأراضي المحتلة فمتوسط أعمار الشعب المتواجد حاليًا في الكيان الصهيوني ٨٢ عامًا، عواجيز الاحتلال سينقرضون وينتهي المطاف بالكيان الصهيوني بلا شعب.
عبدالعزيز الشيخ
مقالات سابقة للكاتب