دشن رئيس نادي جدة الأدبي الثقافي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي إيوان الفلسفة بحضور مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمحافظة جدة الأستاذ محمد آل صبيح ، بمقر نادي جدة الأدبي مساء أمس الأحد الموافق 1439/5/4هـ، بحضور عدد من الكتاب والشعراء والمثقفين.
وابتدأت أولى فعاليات إيوان الفلسفة بندوة عنوانها ”لماذا نتفلسف؟” قدمها الأستاذ عبدالرحمن مرشود، والأستاذ سليمان السلطان، والأستاذ صالح سالم، وأدار الأمسية الأستاذ طاهر الزهراني.
وقد أعرب رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي، عن سعادته بتدشين إيوان الفلسفة كما عبر عن ابتهاجه بحضور مدير الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة الأستاذ محمد آل صبيح، الذي شرف حفل التدشين، كما عبر عن سعادته بلقائه مؤكدًا أنه جار في الدار وشريك في العمل، وأن “النادي الأدبي هو ناديكم والجمعية جمعيتنا وأن الجميع يعمل في مضمار واحد، يجمعنا شرف العمل الثقافي الصادق الذي يخدم ديننا ووطننا ومجتمعنا”.
من جهته أوضح الأستاذ محمد آل صبيح عن سعادته الغامرة بهذه المشاركة في حفل تدشين إيوان الفلسفة، وأنها تأتي ضمن الحراك الثقافي الذي تشهده مملكتنا الغالية، ونطلاقًا من دور الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في التنمية الثقافية وفق رؤية المملكة 2030، وإيمانًا منها بالشراكة الاستراتيجية مع النادي الأدبي الثقافي بجدة، وحرصًا على العمل التكاملي والتعاون البناء للارتقاء بالمناشط الثقافية في شتى مجالاتها.
وأضاف أنه تشرف بزيارة رئيس النادي الدكتور عبدالله السلمي، وابتهج بحفاوة استقباله ورحابة صدره وكلماته الباعثة للأمل والتي أكد فيها أن النادي داعم للجمعية ولكل مايخدم المشهد الثقافي في منطقة مكة المكرمة، كما أكد أنه سيعقد اجتماعًا لاحقًا للبدء في تفعيل العمل بمنهجية وفق رؤية تحقق الأهداف المرجوة وتلبية تطلعات الوسط الثقافي والفني.
“لماذا نتفلسف؟” هو عنوان الندوة التي أدارها الروائي أ.طاهر الزهراني، مُقدمًا آ. سليمان السلطان، أحد المؤسسين الثلاثة للإيوان، الذي قارَب إجابة سؤال الندوة مبتدئًا بكلمة للفيلسوف الألماني هايدجر “لا يوجد فلسفة، ولكن يوجد فلسفات”. فإنّ حب الفلسفة يبتدئ منذ الميلاد، عند الطفولة، بل إن الفلسفة هي الدهشة على حد تعبير أرسطو، وأكد السلطان أنّ ميدان الفلسفة يكون في الحياة اليومية، فالفلسفة هي تجديد رؤيتنا للأشياء في الوجود، فما هو مألوف، لكونه مألوفًا، يُعتبر حقيقة، كأرنبة الأنف لأننا نراها طوال الوقت نألف ذلك فلا نعود نراها، والفلسفة تجدد تلك الرؤية.
المداخلة الثانية قدّمها صالح بن سالم، المحاضر بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، قدّم فيها مقاربات للإجابة بمستويات عدّة، فمما ذكره توسّل علماء الطبيعيات الفلسفة عند انسداد الطرق أمامهم، وضرب مثالًا لذلك برجوع علماء الأحياء إلى هايدجر في تحديد الكينونة، وشدّد بن سالم على أنّ الفلسفة متى ما قمعت من أيّ تيار مخالف، فإن ذلك يعني أنها حصر وسلطة، وقال بن سالم بأنّ من يقول بأنّ العلم أحاط بكلّ شيء وأنّ الفلسفة لا داعي لها، لم يفهم الفلسفة، وهو إنما يتحدث عن الميتافيزيقا.
ثمّ انتقل مدير الجلسة إلى ثالث المؤسسين عبدالرحمن مرشود، بعد أن أشار إلى نُكتة بأنّ الناس تقول لمن يعرف “لا تتفلسف”، ولمن يجهل “لا يكثر”، عالج مرشود نقاط يسيرة لإعطاء الفرصة للجمهور للسماع منهم، منها تفسيره انعدام وجود حقل معرفي يكثر فيه التساؤل عن جدوى التفلسف، بقوله أن لذلك سببين:
١- أن العلوم والفنون منتجاتها ملموسة، بخلاف الفلسفة.
٢- العلوم والفنون تدور حول سؤال “كيف؟”، أما الفلسفة فسؤالها “لماذا؟”.
وذكر مرشود بأنّ تعدد تعريفات الفلسفة، قد يكون يكون لأجل التباس مردّه أن العلوم لها مواضيع محددة، بخلاف الفلسفة التي تشمل تلك كلها.
أما عن جدوى الفلسفة فألمح مرشود إلى نقاط في ذلك، منها أن ركام المعلومات قد يكون جسرًا للتقدم المعرفي، ولكنه قد يكون حجابًا كذلك، والسبيل لغربلة ذلك هو الفلسفة، كما أنّ تحديد المناهج قضية فلسفية، والتوفيق بين الغايات الفردية والجماعية قضية فلسفية، وأي شيء متعلّق بالقيم هو قضية فلسفية.
وأخيرًا ختم مرشود بنقطتين يقول بأنهما متعلقتان بالطبيعة البشرية؛ وهما أنّ هناك افتراضًا بأننا نبدأ من الجهل إلى المعرفة، ولكن الحقيقة غير ذلك، فمسيرتنا في التخلص من قديم، وأنّ العلم يقفنا على ما نعرفه، ولكن الفلسفة تقفنا على ما لا نعرفه ونظن أننا نعرفه، وختم بقوله: “التجربة الحسية لا تكفي، فهل تتوقف المعرفة؟ لا، الفلسفة هي التي تجسر الهوّة، هي تنشّط حركة التفكير البشري”.