…
ذات صباح
وقطرات الندى تنزلق بين وريقات الشجر
وأصوات العصافير تعج بالمكان
خاطبتني جدتي :
مابال روحك ياابنتي ذابلة ؟!
مابال تلك العينين وكأنها تسبح في بحر !
من أين أبدأ ، لست أدري
فيميني وشمالي
التبسا عليّ !
فأجبتها وصوتي يتهدج :
قد كان لي يوماً ..
خاطر
حطمته أفواهٌ ،
ومال سوقه
واصفّر
من لجبره
يجبرني !
من لدمعي
كلما جف
انهمر !
تكسرت بداخلي الأمنيات
ولازلت أسمع صدى
حطامها يتردد ..
وانزوت بعيداً
تطايرتها لفحة من ريحٍ عاتية
وإختفت بين العالمين
..
أين تأخذني هذه الدنيا ؟!
وتمضي
وتمضي
بعيداً عن خُطى البشر !
أين ياجدتي ؟
أغفو وأستيقظ
في الشواطيء
المهجورة
بين الجبال العالية
والأغصان المتكسرة
ووحشة الضياع
بلا خريطة
ولا بقايا سفينة
أرسل للسماء
تنهيدتي
ويأتي المساء
ويعقبه خيط أبيض انسل من الخيط الأسود ..
وأظل أناجي
ويردد الصدى
توسلاتي
يارب ..
يارب ..
يارب ..
أنا ياجدتي
قد ضَعفُت قوتي
وقلت حيلتي
وتشربت من الأربعين شيباً
كساني ..
ربتت على ظهري ومسحت بقايا دمعتي
نعم من اتكلت عليه ياابنتي ..
فقوتك بيدك
إن شئت ورغبت ستقولين يوماً ما
مر بي شيء كنت أظن أني لا أستطيع تجاوزه لكنه مر !
فكل مرٌ سيمر !
وكل ليلٌ سرمدي سينجلي !
وكل حلمٌ سيكون واقعاً جميلاً !
فقط أودعي أمنياتك كل ليلة ذرات التراب
حتى تصل إلى السماء
فالله قريب مجيب الدعاء ..
أو تعلمين ياجدتي
بيني وبينها شوط
لا أدري أقصير هو أم بعيد !
أقريب من حبل الوريد
أو ملتفٌ من وراء ظهري
أقترب تارة
وأتقهقهر أخرى
لكني لم أقف
بل سأقاتل !
و تمر السنين تباعاً
ياجدتي !
ولم يبق من العمر سوى نصفه
أقل أو أكثر
لا أدري
لكني مازلت أحلم رغم هذا العالم الرمادي
رغم نظرة !
شطرتني نصفين !
حتى لم أعد أقوى على البقاء
ورغم تلك الوجيه التي عبست بي ذات مرة !
ورغم صفعات الأبواب التي آذت أذني
وتألمت بسببها مدة من الزمن !
ورغم خناجر العبارات التي وكزت خاطري وقضت عليه !
ورغم هذا العالم بأجمعه ياجدتي
ستمطر سحابتي يوماً ما !
فتعالي !
وهلمُّ إلى أفق السماء
قرب الطيور المهاجرات نحلق
ننظر لهذا العالم بوجه مبتسم
ونلوح بأيدينا للحقول الخضراء
”ها قد وصلنا “