مجيء الإسلام شكل نهضة فكرية عظيمة في شتى المجالات لا سيما العقائدية والتربوية فقد غير عقلية العرب الذين كانوا يعيشون في جاهلية وظلال وعبادة الأوثان لا تضر ولا تنفع ، وفند أباطيل شائعة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وارسى مبادئ في نواحٍ عدة ، ووضع قيم نبيلة إذ أن لا فرق بين أمة راقية وأمة منحطة إلا بالقيم ، بذلك ارتفع شأن العرب وعلت همتهم ومعنوياتهم ، واستطاعوا أن يحاربوا الفرس والروم وما كانوا ليستطيعوا لو بقوا على جاهليتهم ,، كما أن الفتوحات الإسلامية التي خاضها المسلمون لها الشأن العظيم في توسع وازدهار الفكر العربي .
و ندرك الآن بأن المنظومة الفكرية في حياتنا واسعة لا حصر لها وغنية بمدلولات واصطلاحات عريقة , ففي حقل المعرفة تتعدد مجالات الفكر باختلاف النوع فهناك الفكر السياسي والاقتصادي و الفكر الثقافي والادبي ،والفكر الفلسفي و الديني ، بالإضافة إلى الفكر التنويري أو ما يطلق على تلك الحقبة التي ظهر فيها ذلك الفكر بعصر التنوير تلك الحركة الفكرية التي قام بها الفلاسفة والعلماء، و نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وقوانين حركته ، ولكل فكر رواده وقوانينه وفلسفته التي تبلور مكنونه ولبه.
والى جانب دور الإسلام و المنظومات الفكرية التي تبث روح التسامح بين الأفراد و الرقي بالعقل البشري ، فهناك على النقيض تيارات فكرية معادية ومتطرفة تعبث بالعقول وتسمم الأفكار وتشتت الجماعات ، واكثر ما يسيء للإسلام والفكر معاً هو الفكر التكفيري الذي ينخر في العقل باسم الإسلام ودعاته يتسللون إلى عقول الشباب وغسل أدمغتهم وحثهم على القيام بأعمال جهادية تدخلهم الجنة وينعموا بحور العين ، والغاء دروس تنمي فيهم روح التعصب والعنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم , ومنابرهم أضحت مصدر للتكفير والتحريض على الفتن والنعرات الطائفية واتهام الغير بالكفر والزندقة ، والإسلام من فعلهم بريء. كما أن الكثير من وسائل الإعلام أصبحت منصة لبث رسائل تعطل العقل و تحيي الشهوة . متمثلة في أفلام وروايات هابطة ، و مسلسلات لا تمت للواقع بصلة ، أثرت تأثيراً بالغًا في اهتمامات وتفكير جيلنا القادم .
و أهم ما يجب فعله لمجابهة التيارات الفكرية المعادية هي التنبه لهذا الخطر واستهجان كل ما يرتكب ضد الدين و العقل والفكر ، واستحقاره والدعوة الى محاربته قولاً وفعلاً ، فنحن خير أمة أخرجت للناس ، ولو كره المنافقون.
مودة المطرفي
مقالات سابقة للكاتب