لماذا نقرأ؟ يقول أحد الفلاسفة: نحن نقرأ لنحيا، وعندما سُئل العقاد لماذا تقرأ قال: لأن حياة واحدة لا تكفي، نحن لا نقرأ من أجل الحصول على معلومة، بقدر ما نقرأ لأجل التفاعل مع الأفكار كما يقول د. مصطفى الحسن.
حجم المشكلة من خلال الاحصاءات: ٤٠٪من العرب يغرقون في مستنقع الأمية، وبحسب اليونيسكو فأسوأ معدل للقراءة موجود في المنطقة العربية، ويصدر كتاب واحد فقط لكل ١٢ ألف عربي، وفي المقابل هناك كتاب لكل ٥٠٠ إنجليزي، معدل القراءة ٦ دقائق سنويًا للعربي، مقابل ٢٠٠ ساعة سنويا للأوروبي، معدل قراءة الطفل العربي ٧ دقائق سنويًا، والطفل الأمريكي يقرأ ٦ دقائق يوميًا، في الوطن العربي يصدر ٥٠٠٠ كتاب سنويًا، وفي اليابان ٣٥٠٠٠ كتاب، وفي أمريكا ٨٥٠٠٠ كتاب.
ماذا نقرأ؟ الكتاب أم الكاتب؟ إن اخترت الكاتب دون الكتاب فأنت غارق في مستنقع الأدلجة، وكذا لو حكمت على الكتاب اعتمادًا على كاتبه.
القراءة عملية بنائية فأنت لن تستوعب ما تقرأه إلا من خلال تجاربك والتراكم المعرفي، فكلما كنت صاحب معرفة أوسع كنت أكثر قدرة على استيعاب ما تقرأ وعلى تحليله وتفكيكه ونقده، فالقارئ كمن يلقي نفسه في البحر فإن لم يكن صاحب تجربة ومهارة وقد تدرب في الضحل قبل العوم في العميق، لا محالة سيغرق.
كيف تقرأ؟ من أعظم الاختراعات المتعلقة بموضوع القراءة هي (النظارة) وهو اختراع حديث نسبيًا بالنسبة لتاريخ القراءة، وكم من العظماء حرم القراءة أو عانى الأمرين لأنه لم تكن ثمة نظارة، الشاعر الأرجنتيني بورخيس أُصيب بضعف النظر ثم فقده تمامًا وعين بعدها رئيسًا للمكتبة الوطنية في الأرجنتين وكان يسخر من نفسه وقد أُحيط بكل هذه الكتب وهو لا يستطيع قراءتها، وفي فيلم سينمائي أن رجلا نجا وحيدًا من قنبلة دمرت العالم وكان مولعًا بالقراءة فوجد حوله ملايين الكتب لكن للأسف فقد تحطمت نظارته في ذالك الانفجار.
اختر وقتًا محددًا ليكن طقس وعادة وتنوع في القراءة، كن كالنحلة لا تفرق بين الأزهار من أيها تصنع العسل، فالقراءة اختزال للزمان والمكان وبها تكون صديقًا للعظماء ورفيقًا للفلاسفة والحكماء، وبالقراءة تفهم أكثر وتتحرر من ثقافة القطيع وتخرج من كهف أفلاطون!
وخلاصة الموضوع: أنت أعمى وبالكتب تصبح بصيرًا.
مروان عبدالعليم الشيخ
مقالات سابقة للكاتب