شاهدت البارحة فيلم (اللص والكلاب) وهو فيلم عرض في الستينات من بطولة شكري سرحان، وهو عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، والتي تحمل نفس الإسم، وأشير هنا إلى ملاحظة خارج الموضوع، أن أفلام الستينات والسبعينات المقتبسة من روايات كبار الكتاب ثروة قليل من يلتفت لها!
فكرة الفيلم أو الرواية تدور حول أحد مآزق الأخلاق في الفلسفة؛ ماهو الأخلاقي وغير الأخلاقي؟ وما المعيار العادل للحكم في هذه المسألة؟ فإذا كان “الحرامي” معدمًا لا يملك طعامه وسكنه وحياة كريمة، والمسروق ملياردير لو سألته عن ثروته لأجاب: قبل السؤال أم بعده؟، فهل من العدل سجن (اللص)، وترك (الكلاب) تنهش في مال الله لتضخم بها أرصدتها؟
إن فلسفة كل حسب طاقته إلى كل حسب حاجته – الشيوعية- محاولة مهمة لحل هذا الإشكال، لولا سوء التطبيق وآلياته، فعندما تفسر الحاجة على أنها مساواة في سلب الحقوق، فهي تعني بالتحديد هذه المعادلة البائسة (ظلم بالسوية عدل في الرعية).
في الإسلام النظرية والشعار حق، لكن الواقع شيء آخر تمامًا، والعبرة دائما في الواقع المعاش، وليس ما دون في الكتب، يقول جارودي: “القيمة الحقيقية ليست فيما يقوله إنسان ما عن إيمانه ، ولكن ما يصنعه الإيمان بهذا الإنسان.
والحق أن المتأمل في الواقع الاجتماعي يجد أن هناك تبجيل واحترام كبير للحرامي؛ إذا ما أتقن عمله والتزم بالمثل الشعبي (إذا سرقت اسرق جمل!)، وغالبا: لا يمكن أن تصبح ملياردير محترمًا إلا أن تكون حرامي، ولو بنسبة، فمن سلم من السرقة لا يسلم من غبارها.
بينما سارق أكياس الرز والحلاوة والمحافظ والجوالات فهم ممتهنون؛ ليس لأن السرقة عمل ممتهن وغير أخلاقي؛ بل لأن ما سرقوه شيء ممتهن.
مروان عبدالعليم الشيخ
مقالات سابقة للكاتب