يؤسفني حقيقة ما وصلنا إليه من حالنا مع العيد، وأصبحنا فقط تتبدل ثيابنا وأنفسنا كما هي لا تتبدل، وتحمل أحقادها إلى كل مكان تقصده،هذا أمر والأمر الآخر لا يمكن إصلاحه فقد أفسدته الهواتف الذكية وهو التواصل الحقيقي، فأصبحنا نتواصل افتراضيا حتى لو اجمعتنا في الواقع فعلا،وهذا الأمر ليس فقط على العيد وأيامه بكل مناسباتنا، ولكن في العيد طعمه أمر إن سكتنا عليه أكثر وأكثر .
الثياب فقط تتبدل والأنفس لا تتبدل، وتغرق في أحقادها حتى يظن المرء أنه في بحر عميق يغرق، هو عيد بالاسم فقط أما بالمحتوى فهو أشبه بالمأتم، كئيب حزين فاقد لحلاوته، والعيب ليس فيه بل العيب فينا، تمضي الأعياد تلو الأعياد شبية ببعضها، كعنقود ألم يلتف حول أعناقنا،وهو في الحقيقة عيد التجار فهم يكسبون بسببه الكثير من المال، ونفقد نحن الكثير من الجمال .
الجمال المكنون في اللقاءات العائلية الرائعة الجمال الروحي الذي يضفي على الماديات في أيام العيد جمالية لا تضاهيها، كل ذلك الجمال فقدناه، حتى أصبح بعضنا لا ينتظر العيد للفرحة والسعادة أكثر من الراحة من الصيام ،وقلتت الهواتف الذكية ما بقي من جمالية ، فهي استحوذت على جل اليوم بأكلمه ، حتى أصبح الواحد منا عشرته لها أكثر من عشرة زوجه وأهله، دفعنا ثمنا غاليا لكل ذلك ولا زلنا ندفعه،وعلينا أن نواجه هذه المصائب بكل حزم .. ونبدأ من هذا العيد ونترك هواتفنا الذكية في منازلنا عند زيارة أقاربنا ..اعلم أنه لن نستطيع ذلك وأنا أولكم .
فعلا هو عيد للتجار والهواتف الذكية فقط، وليس لنا نحن منه نصيب، ولا يفكر الواحد منا ولو برهة صغيرة أنه ربما هذا العيد آخر أعياده في الدنيا ، أو ربما آخر عيد لأمه أو لأبيه ، نحتاج وقفة صادقة وأن نعيد ولو بعض ما فقدنا من جمالية العيد.. التي عاشها أجدادنا بكل ما فيها واستسقت بها أنفسهم سعادة وجمال وبهجة وأنس.
إبراهيم سيدي
مقالات سابقة للكاتب