نوهت رابطة العالم الإسلامي بالقرار الحكيم الذي تم التوصلُ إليه بين الحكومة الأفغانية وحركةِ طالبانَ من خلال عَقْدِ الهُدنة بينهما لتحقيق صالح الشعب الأفغاني، على هَدْي من الشريعة الإسلامية وقِيَمِها الرفيعة، في الأمر بإصلاح ذات البين، وتجاوُزِ الخِلافاتِ التي عانى منها الشعبُ الأفغانيُّ طويلاً، ولم تُجْدِ مواجهاتُها سوى المزيد من إراقة الدماء والدمار، والعداوةِ والتناحُر.
وأكدت الرابطة في بيانٍ لها، صدر عن معالي أمينها العام رئيسِ مجلسِ إدارةِ الهيئةِ العالميةِ للعُلَماءِ المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن
عبدالكريم العيسى، أن الشريعةَ الإسلاميةَ، دعت إلى الاعتصام بحبل الله، وحذَّرت من التنازع والفُرْقَة، موضحاً بيانُ الرابطة أن المصلحة العليا للشعب الأفغاني وما في مضامينها من المحافظة على سُمْعَةِ هذا البلدِ الإسلاميِّ وإرثِهِ الحضاريِّ الإنسانيِّ الكبير، هي فوقَ كلِّ اعتبار.
ودعا بيان الرابطة الأطرافَ إلى مواصلة حِوَارِهم الهادفِ والبَنَّاء، لتجَاوُزِ كافة سُبُلِ الخلاف بينهما، وأن يكونَ حقنُ الدماءِ والتطلعُ لمستقبلٍ زاهرٍ للشعبِ الأفغاني الهدفَ الأسمى للجميع، وأن تكونَ حِوَاراتُهم الدينيةُ والسياسيةُ وغيرُها على طاولة الحكمةِ والرأيِّ الرشيد، وأنه متى تَجَرَّدَتْ النفوسُ لهذا الغرض النبيل، كان العونُ من الله تعالى للجميع في مودتهم ووئامهم، وتعزيزِ تَمَاسُكِهِم، وتَحْصِيْنِ قُوَّتِهِم.
وأكد البيانُ أن الأمة الإسلامية والإنسانيةَ جمعاء، أحوجُ ما تكون لتغليب منطق الحكمة لتحقيق مصالحها العليا على كافة المطامع والنزاعاتِ الضيقة التي تَعُود خسائرُها بأكثرَ من مكاسبها الموهومة، وأن للتاريخ في هذا شواهِدَ ماثلةً ، لا يَعْتَبِرُ بها إلا من وفقه الله تعالى فهداه إلى سواء السبيل.
كما نوَّهت الرابطة بالبيان الضافي الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ الذي عَبَّرَ ـ باهتمامٍ بالغ ـ عن متابعة وجدانه الإسلامي والإنساني الكبير لتلك الهُدنة، وما أعرب عنه ـ أيده الله ـ من سُروره وترحيبه بهذه الخُطوةِ المباركة وتأييدِهِ لها، وأَمَلِهِ أن يتم تَجْدِيْدُهَا والبناءُ عليها لفترةٍ أطولَ، ليتسنى لجميع الأطرافِ العملُ على تحقيق السلام للشعب الأفغاني
وختم البيانُ تصريحَهُ بدعوةِ الجميع، وقد وفقهم الله إلى هذه الخطوة الميمونة، إلى مواصلة الجهود، نحو المزيد من التوافق والتصالُح، والتسامي دوماً فوق الخلافات، والتعاونِ معاً لمُسْتَقْبَلِهِم وصَالِحِهِم، ومَصِيْرِهِم المشترك، مُرْتَقِيْنَ عالياً بمعاني أُخُوَّتِهم وقِيَمِهِم الدينية والوطنية التي تَصِلُهُم ببعضٍ، لتأخذ جمهوريةُ أفغانستانَ الإسلاميةِ وَضْعَهَا اللائقَ بها في منظومتِها الإسلاميةِ والدولية، وأن يجدوا في دعوة خادم الحرمين الشريفين من منطلق الرسالة الإسلامية في بُعدها الإنساني العميق وقِيَمِها العليا الحاضنةِ للجميع أُسْوَةً حسنةً في الالتفاف حول مَطْلَبِهَا الأخويِّ المُشْفِقِ والمُحِبِّ، والداعمِ لكُلِّ خير.