وصلنا إلى زمن في الحقيقة حتى أصبح ينطبق علينا قول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
في الحقيقة عنوان مقالتي هذه ليس مقدمة لرواية حزينة أو سيناريو لمسلسل درامي بل هو واقع عجيب! فعداء الإخوة لا يكاد يخلو منه منزل في مجتمعي اليوم إلا من رحم ربي، فتجد قوة عداء غريبة لا تجدها بين الأغراب عوضًا عن أن تجدها بين الأخوة، وهي ظاهرة مجتمعية أشبه بالكابوس الذي ينتاب المجتمع بأسره، فعندما نجد في مجتمعنا ظاهرة كهذه يجب أن نقف أمامها بكل قوة، فعندما تتزعزع أقوى الروابط الإنسانية على وجه الأرض وهي رابطة الأُخوّة فعلينا حقا أن نقف بكل قوة ضدها ونعمل بكل جهد على القضاء عليها.
إن المسألة ليست بسيطة وليست مجرد خلاف فاهتزاز رابط الأُخوّة يعني تفككًا أسريًا قويًا ثم تفككًا مجتمعيًا قويًا حتى نصل إلى مرحلة اللامبالاة، وتتدمر بعد ذلك كل الروابط الإنسانية الأقل قوة من رابط الأُخوّة، وبالتالي -لا سمح الله- نصبح مجتمعًا تسود فيه المادية بمختلف مسمياتها وصورها وأنماطها، ويفقد المجتمع شيئًا فشيئًا جمالية الراوبط الإنسانية الجميلة وهذا بحد ذاته أمر عظيم.
وفي معظم الخلافات الأخوية أجد وبكل صراحة إن الأسباب تافهة جدًا إذا ما قورنت بصلة الرحم وقطع رابطة الدم والأخوة ، وبكل صراحة أقولها البعض يقرأ مقالتي هذه وهو يعلم أن خلافه مع أخيه خلاف تافه إذا ما قورن بحجم ما يخسر من قطع لصلة الرحم التي أمرنا ديننا الحنيف بوصالها، فما أدري هل أصبح البعض منا لا يحتاج إلى صلة الرحم وأجرها أم بلغ منه الحقد مبلغًا لا يستطيع أن يسامح ابن بطن أمه على أخطاء تافهة، فإذا كان لا يسامح أخيه فكيف به مع من هو دون أخيه، لا يهمني إن أزعج مقالي هذا البعض ولكن هي حقيقة وكلمة حق يجب أن تقال هي خلافات تافهة مهما حدث.
لماذا لا تسامح أخاك؟ لماذا كل هذا الحقد ؟ الأخ عضيد الروح حين بعث الله موسى عليه السلام لفرعون طلب من الله تعالى أن يشد أزره بأخيه، هنا تتجسد أجمل معاني الأخوة العظيمة بين نبي عظيم وأخيه عليهما السلام، البعض لديه أبوان متوفيان يعقهما وهو لا يعلم بقطيعته لأخيه، فقطيعة الأخ هي عقوق للوالدين وقطع لصلة الرحم وجفاء مشاعر لا يصفه أي شاعر وخلو من الإنسانية بأبسط صورها وأصدق روابطها.
هي كلمة وإني لملقيها: خذ أخاك بالحلم واصفح عنه، فالموت لأحدكما أقرب ولأحدكما ندم ليس بعده ندم، وجانب الكبرياء فما ربح في التاريخ متكبر، وما خسر متسامح وما أفلح إخوة اختلفوا.
إبراهيم سهل سيدي
مقالات سابقة للكاتب