الحُبُّ كلمةٌ جميلةٌ لا يشعر بها سوى المُحبِّين، ولا يعني من ذاق مرارة الحُبِّ أنه أقلع عن هذا الإدمان، نعم إنه إدمان، ولكنه إدمان ذو طبيعة خاصَّة؛ فهو لا يُذهب العقل، فعقلك كما هو ويقوم بكل واجباته الفسيولوجية، فهو يفكر، ويدقق، ويصوغ الأمور، ولكنَّ جزءًا منه يذهب إلى مكان آخر ويغفو؛ وتلك الغفوة هي السعادة بحق، ومهما حاولت الأقلام أن تُعبِّر عن تلك السعادة فلن تستطيع، فهي المُلهم للشاعر، وهي لسانُ المُطرب، وهي مدادُ القلم للكاتب، والكل يتسابق في وصف مشاعره المعنوية، فهي مختلفة، ويحاول كل شخص أن يُطلق بصيصًا من التعبير حسب طريقته وثقافاته.
وتلك هي الفكرة التي راودتني، وهي أن أستشفَّ ما الحُبُّ من أكثر من شخص، وأحاول بقلمي أن أكتب تلك الانفعالات، وأعبِّر عنها:
سألت شابًا بسيطًا في يوم من الأيام، وكان مُلهمًا بفتاة، ومُتيَّمًا بها: ما الحُبُّ؟ وكأنني فاجأته… فنظر إليَّ وابتسم… ولم يرد، وأشفقتُ عليه، وكأنه يُريد أن أقرأ في ابتسامته الإجابة، وأُعبِّر أنا بقلمي عن تلك الابتسامة، وما يدور وراءها من سعادة.
وحاولتُ بعد ذلك أن أرى رد الفعل من مطرب عاشق ولهان، وسألته: ما الحُبُّ؟ وعجبتُ من ردِّه!! وكأنه نسي السؤال!! وقام بالغناء على الفور، فعرفتُ أن مشاعره الدفينة السعيدة أطربته، وجعلته يُغنِّي.
وها أنا ذا أنتهي بشاعر وأسأله: ما الحُبُّ؟ والرد عجيب هو الآخر، حيث إن الرد كان عبارة عن بيتين جميلين من الشعر.
والشاهد مما سبق أن الحُبَّ معنى، أما بالنسبة لوصفه بدقة فمن المستحيل أن يتحقَّق ذلك؛ فكل شخص على حسب طبيعته… ومهما انطلق بنا المداد فلن نجد كلمات وافية تُعبِّر عن تلك السعادة التي تُسمَّى الحُب.
محمد الحربي