جفاف العواطف

مناخ الأسر السعودية مناخ صحرواي جاف، فهي تهتم كثيراً بالمظاهر الشكلية كالأثاث وجمال وسعة ونظافة البيت والسيارة والملابس والمكياج والسفر وغيرها، وتدفع من أجلها الكثير، بينما في المقابل تفتقر لأهم أسباب السعادة واستمرار الحياة ألا وهو الحب !
كم نحن بحاجة إلى الحب في علاقاتنا ببعضنا البعض وفي تعاملاتنا اليومية مع من حولنا، بالكلمة الطيبة وبالابتسامة المشرقة والوجه البشوش لكي تصفو لنا الحياة بسعادة وطمأنينة وأمن وأمان.
وكم نحن بحاجة للحب داخل بيوتنا، الحب الذي يجمع أقطاب الأسرة ويوثق عراها وينشر في أركانها السعادة والبهجة .. الحب ذلكم الإكسير الذي لا يستغنى عنه أي مخلوق على وجه البسيطة وليس الإنسان فحسب.
الحب يعني التقدير، يعني التضحية، ويعني البساطة في الطرح والتعامل داخل عش الزوجية بكل رحابة صدر.
الحب الذي يحيل البيت إلى جنة تغرد فيها بلابل الصباح و المساء بأجمل الألحان، وتشتاق أفراد الأسرة العودة إليه كلما ابتعدت عنه قليلاً لأنه جنتهم، يجدون فيه العطف والمحبة قد تربعت في كل زوايا المنزل كالأزهار المتفتحة في الحديقة تفوح منها أجمل الروائح.
بالحب تصفو لنا الأيام من كل أصناف الكدر، ونستنشق عبير الحياة، ونرسم فيه ابتسامة الرضا في وجوه بعضنا البعض.

إن الحياة من طبيعتها أن فيها الكثير من المشاق والروتين والصعوبات التي تحتاج منا إلى صبر، ولكن إذا لم يوجد مع الصبر حب وتضحية وتفانٍ فإن الكثير منا سوف يصعب عليه الاستمرار في العطاء، وتتحول حياته إلى نكد وهم وغم .. وإنك إذا ما نظرت حولك وجدت أن الكثير من الأسر التي اهتمت بالشكليات في بيوت الزوجية وأهملت المضمون ففشلت في القيادة والوصول إلى بر الأمان.

وإن كان الحب داخل الأسرة مهماً لكل أفرادها إلا أن الزوجة (الأم) هي التي يمثل لها هذا الحب أهم عنصر في الحياة، وذلك لما لها من دور مهم في استقرار البيت وطمأنينة الأسرة، فهي المربية الأولى، وما قول الشاعر: الأم مدرسة إن أعددتها … أعددت شعباً طيب الأعراق ، إلا تأكيداً على دور صاحبته التي تستحق أكبر مساحة من الحب في الأسرة.
إن إشباع الأم بالحب فيه صلاح ونجاح للأسرة كلها بما فيها قائد هذه الأسرة حينما يأخذ منها كل صباح كلمة الوداع مع الدعاء وأطيب الأمنيات بيوم سعيد، ممزوجاً بابتسامة تبعث فيه النشاط والحيوية والإقبال على الحياة بحب.
 ولذلك فإن تربية البنات منذ الصغر على قيادة بيوت المستقبل أمر في غاية الأهمية وهو يبدأ من البيت. والأم الناجحة هي التي تهيىء بناتها لتحمل المسؤولية منذ الصغر وتدربهن على أعمال المنزل، وتغدق عليهن من الحب والحنان ما يحقق لهن الاستقرار النفسي واستقبال الحياة بالبهجة والسرور، وتعلمهن أن 
ديكور البيت وجمال الأثاث ليست من أدوات السعادة.

ختاماً .. كلمة وفاء: تحية حب وتقدير لكل أمهاتنا اللاتي ربونا صغاراً. 

سليمان حامد الصحفي

مقالات سابقة للكاتب

9 تعليق على “جفاف العواطف

ابو طارق

رحم الله آباءنا وأمهاتنا وأسكنهم وإيانا جنة الفردوس. ( منور ابو احمد ) طرحك جميل للزمن الجميل ، لكن الان. تغير الوضع بعد ان سكنا السجون الاختيارية ( الشقق ). ضاقت النفوس واختفت البسمة التي كانت تعم المنازل رغم اتساعها الان . لكم تحياتي. …

متعب الصعيدي

اتفق معك أيها الكاتب الكريم أننا كسعوديين نعاني من الجفاف العاطفي
قد يكون ذلك بسبب طبيعة أرضنا الصحراوية والإنسان إبن البيئة كما يقولون
ولكن هذا لا يعني أن نستسلم بل علينا أن نسعى للتغيير وهو ممكن جداً متى ا توفرت الإرادة لدى الإنسان. وشكراً لك.

أم ومعلمة

كلام سليم لكن التربية تم اختطافها من أيدينا
اللي يربي اليوم ليس الأم ولا الأب ولا المعلم ولا المعلمة
اللي يربي هو الإعلام
وبئس التربية
هذه هي الحقيقة باختصار
ولا نقول إلا حسبنا الله عليهم

اوجاع كاتب

سيدي من وجهة نظرى ليس للمناخ الصحراوي دور في جفاف العاطفه ففي هذه البيئه الصحراويه عاش عمالقه الشعر العربي ابتداء من العصر الجاهلي الى عصرنا هذا فأبدعوا كثيرا في التعبير عن عواطفهم بعذب الكلام من الاشعار عنترة ابن شداد لم تنسيه المعارك وقرع السيوف وضرب النبال محبوبته عبلة فعبر عن ذلك الحب بكلمات علقت في جوف الكعبة وغيره الكثير من الشعراء
سيدي ما نعانيه من جفاف في العواطف نحن الرجال السبب الاول حينما يدخل البعض الى بيته يتحول الى وحش كاسر حدة في الطبع وغلظه في الصوت وبطش باليد فماذا تتوقع من اهل بيته كان الله في العون
فلا نطلب من المراه ان تكون مصدر للحب ونحملها خيباتنا ونحن من جفف منابع ذلك المصدر سيدي لست بأحوال النساء عليم ولكن ما نسمع ونقرأ من هروب للفتيات من اسبابه الجفاف العاطفي والغلظة في التعامل لنبدأ بتغيير اسلوبنا وطريقتنا في التعامل والتعبير عن مشاعرنا بكل صدق وشفافيه لنسمع زواجتنا وبناتنا وابنائنا كلمات الحب والثناء ووصفهم بأجمل الصفات قبل ان يسمعوها من الغير ويحصل ما لا تحمد عقباه
سيدي انا لا اسلط سيوف الشك على الجميع ولكن اقول مرة اخرى وان كنت لم اتزوج بعد لكل اب اسمع زوجتك وبناتك كل كلمات الحب والغزل المباح والمديح وابنائك كلمات المدح والثناء وعزز من مواقفهم قبل ان يتسللوا شياطين الانس ليسمعوهم ما بخلتوا به عليهم
ولكل زوجه كون وطن من الحب يسكنه زوجك وابنائك

عبدالله المحلبدي-جدة

أعتقد أن جفاف العواطف الذي يعاني منه المجتمع السعودي يعود السبب فيه إلى العادات الاجتماعية التي توارثناها من الأجداد فإلى وقت قريب نتذكر كيف كان آباؤنا وأجدادنا صارمين حادي الطباع كما الصخر خاصة في إظهار مشاعر الحب تجاه الزوجة أو الأبناء والبنات.
والعادات المتوارثة تستغرق وقت طويل ربما لأجيال حتى تتغير وقد بدأ التغيير ولكن يحتاج وقت طويل.

عبدالعزيز بن مبروك الصحفي

فتش عن التقوى.
أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نمشيى في الأرض هونًا ونتغافل عن خطاب الجاهلين، وأمرنا بالتواضع وخفض الصوت وشبه إرتفاعه بأنكر الأصوات، أمرنا بكظم الغيظ والعفوا عن الناس، والإحسان وغيرها من الأمور المتعلقة بالعواطف.
أوصلنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتبسم، وإفشاء السلام، وتشميت العاطس، وإعانة ذو الحاجة، وإماطة الأذى عن الطريق، والإحسان إلى الأهل (الزوجة والأبناء) وفعل الخير لهم، حسن الخلق مع الناس، الرفق بالحيوان، السماحة في البيع والشراء والإقتضاء.
معظم هذه القيم السامية، إبتعد كثير من الناس عنها، لهذا أصبح جفاف العواطف أمرًا مألوفًا.

عطية الله عبد العزيز الشيخ

سلمت اناملك الذهبيه اخي سليمان على ماكتبت وما طرحت لاثارة واثراء موضوع الجفاف العاطفي لدينا كسعوديين وما تفاعل القراء الا دليل على اهمية الموضوع ومشاركة الكاتب بوجهات نظر مختلفة تدرس الاسباب وتضع الحلول ومن وجهة نظري ان سبب الجفاف العاطفي وخاصة بين الزوجين يعود للموروث السائد في المجتمع من النظرة الدونية للمرأة فهو لايستطيع ان ينطق باسمها مباشرة الا بكنية وكانت هناك مقولة شهيرة بين الرجال اذا اراد احدهم ان يذكر إمرأة ( عزك الله من طاري النساء ) فهل تتوقع منه ان يراضيها بكلمة جميلة او يقول لها احبك وهي شريكة حياته المجتمع البدوي والقروي تشرب التسلط والكبر على المرأة فحتما سيكون الجفاف العاطفي هو النتيجة . ولكن الان تغيرت النظرة للمرأةوتحسنت وبدأت المرأة بفرض نفسها كنصف المجتمع وبدأ الرجال يتقبلون ذلك الا من قلة قليلة تعاني من امراض نفسية وسلوكية تسوقهم للعنف والجفاف وسوء المعاملة .
— اضاءة
نحتاج ان نوصي الاباء والامهات على غرس سلوكيات المحبة والاحترام للابناء اما البنيات اخي سليمان فهن نبع الحنان وايقونة الحب في الاسرة

— خاطرة
الحب مايلتقي والعنف
خطين متوازيه تمشي
الحب (فيه) الرضا والعطف
والعنف قسوه ومرض يفشي
ابومحمد

أحمد بن مهنا

جميل طرح هذا الموضوع ، هذا مهم في الحياة ، لكنه لايكون بالتعليم التلقيني ، إنما تربية من الصغر ، وهو سلوك أسرة ، وتعامل مجتمع ، وقيم دين، وقمم جذب ، ونحن بحاجة لأن يكون الحب خلقا نسير به وتعامل نسعد به ، وأول الوصول انطلاق خطا نحو الهدف ، ولعل مقالك هذا – أخي أبا أحمد- من هذه الخطا . شكرا لك

إبراهيم يحيى أبوليلى

جزاك الله خيرا استاذ سليمان على هذا المقال الذي يحمل كل معاني الحب والرحمة وهذا إن دل فأنما يدل على غزارة العاطفة عند الكاتب وهذا ما نحتاجه في زمن طغت فيه الماديات على الروحانيات حتى جعلت الناس يرون أن الحب والرحمة والعطف إنما هو من قبيل الضعف لدى الإنسان ولو كشفت لهم الحقيقة اعلموا ان من يحمل هذه الصفات هو المقرب عند الله لان الله يحب الرحماء …. تحية من القلب لك استاذنا القدير على هذه المقالة الرائعة وأسأل الله أن يكتب لك اجرها سلمت وسددت وعوفيت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *