خصوصية الناس ليست مجال لكل عابث متطفل ، فالمدير بالمنشأة عندما يصور الموظفين بدون علمهم – لقصد الضبط والربط – يعتبر منتهكاً لخصوصيتهم ، ويحق للموظفين مقاضاة مديرهم بتهمة التجسس وانتهاك الخصوصية حتى لو لم تكن هناك أسرار يمكن أن يخاف من انتشارها ، فالجرم هنا يكمن باستغفال الناس دون علمهم والتدليس والتزوير ..
ديننا الحنيف زرع فينا من نعومة أظافرنا احترام خصوصيات الآخرين بداية من الوالدين وعدم الدخول عليهم بمرقدهم إلا بعد الاستئذان؛ فما بالك بمن ينتهك خصوصية مرضى لهم ظروف صحية لايحق لأحد أن يطلع عليها إلا الطبيب والفريق المعالج ، وما فعله الصحفي بأحد الصحف المحلية وانتحال شخصية طبيب بأحد المستشفيات بجدة يعتبر جرم غير مبرر ، فـ “وزارة الصحة” أهم شعار لها هو الحفاظ على سرية المريض وسجله الطبي وعدم الاطلاع عليه ، ويُمنع تسليم السجل الطبي للمريض نفسه أو أحد ذويه ، كما أن هناك كوادر طبية بالفريق العلاجي بوزارة الصحة؛ أول مبدأ عندها هو التعريف بنفسها حتى يكون المريض على بينة بمن معه وخصوصاً الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين ، وأي معلومات يحصلون عليها ليس من حقهم الإفشاء بها إلا للأسرة أو من يشارك بالعلاج ..
غير أن مافعله الصحفي هو انتهاك صارخ لخصوصيات مرضى .. فقد انتهك مبدأ العمل الاعلامي النزية وقام بالتصوير داخل منشأة والتجول فيها دون إذن من إدارتها مستغلاً بذلك كثرة المراجعين وكبر المنشأة ، وربما لا يعلم أن المستشفى الذي دخل إليه يخدم أكثر من 170 ألف مواطن؛ منهم من به تشوهات سمعية أو خلقية وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ، وعدد المنومين فيه بستة أشهر فقط تجاوز الـ 5 آلاف مريض ، والكادر الطبي فيه كبير ويضم وجوهاً جديدة كل فترة ..
مافعله الصحفي هو عمل غير نظامي وترصد غير مبرر لايمكن السكوت عليه ، والنظام يجيز مقاضاته ومقاضاة الصحيفة التي تعتبر متواطئة معه بالعمل اللا إنساني ، فالسبق الصحفي لا يأتي على حساب أسرار الناس والضحك عليهم واستغلال حاجتهم للعلاج ، أو أن يعترض طريق المرضى والمراجعين – على أنه طبيب – ويصور للعامة بأن هذا اختراق ، وربما يكون ذلك مع مراجعين يدخلون المستشفى لأول مرة ولا يعلمون وجوه العاملين فيه .
ياسعادة الاعلامي المحترم .. الاختراق الحقيقي فعلاً ، عندما تتمكن من الجلوس على كرسي الطبيب والاطلاع على ملفات المرضى ، والسبق الصحفي المذكور هو عبارة عن تهريج لايقدم ولايؤخر وربما له غايات شخصية بحتة .
عايد عيد المحمدي
مقالات سابقة للكاتب