أيا أهلَ ودّي لشعري رجاءٌ
أعِيـــروه وعياً وذهناً حضرْ
لنُطْلِقـ للفكــــــرِ كلَّ عَنَانٍ
بماضٍ تولّـى من الدهـرِ مرّ
فيومَ تفشّى بنا الجهلُ حُمّى
بشركٍ تبدّى كــــــداءٍ ظهرْ
( ظلامٌ كبحرٍ ويرخي سدُولاً
تَمَطّى بِصُلْبٍ وأرغى بشرّْ)
(وَأَرْدَفَ أَعْجَازَهُ فاسْتَطالت
وراحت تموجُ بوادي الشّررْ
وغَمَّ وغَطَّى بزيفٍ مداهُ
وعاث فساداً بدامي البَطرْ
(ونادى له صاحباً في الدّجى
ضلالٌ تَعَاطَى بليلٍ عَقَرْ )
يصوّر زلفى كسوء مآبٍ
بنجوى تَناجى بِهِنَّ الشجر
ومات الأمان بدعوى ضلالٍ
وعرقٍ ينازعُ بغياً وضـرّ
مات الأمانُ فما مـن أمانٍ
غدا العيشُ خوفاً كثيرَ الخَطَرْ
ونزعةُ عرقِ العروبـــةِ قد
أطالت مكوثاً ولم تستقرّْ
يُلَبِّي بنوها حُمَيَّا الضلالِ
بغزوٍ وسبيٍ وسلبٍ ظهرْ
أُرِيْقَتْ دِماءٌ فما ذنبها ؟!
نفاخرُ فيها بشتّى الصّورْ
فمَنَّ الغفورُ علينا بليثٍ
أزاحَ الظّلامَ بأمرِ القدرْ
على لا إلهَ سوى ربِّنا
نَوَاصِي لِوَائِهُ خيراً بَدَرْ
شجاعٌ تَمَطَّى العلا فمضى
فصالَ وجالَ بكرٍّ وفرّ
(تَسَرْبَلَ مخضوضباً في دمٍ
وأوغلَ في المجدِ حتّى اشتهرْ
(فلم يُبْدِ شَكْوَى تَحَمْحُمِهِ
إذا ما استطاب العلا واستمرّ )
فوحّــدَ أرضـ العروبةِ إذ
نواياه صدقٌ لربّ البشرْ
فدانت له العرْب طوعا وكرهاً
وأقصى الجزيرة بحراً وبـرّْ
وذلّلَ بالعزمِ صعباً عسيراً
فدامت حماه بمرأى النّظرْ
لصقرِ العروبةِ فرضُ المديحِ
ثناءً ولم يخْـفَ فينا القمرْ
مسيرةُ عزمٍ على إثرها
ستأبى الأسودُ انقطاعَ الأثرْ
على ديدنٍ أكملوها بنوه
بنوا مجدَ ملكٍ بجهدٍ بدرْ
سعودٌ وفيصلُ حقٌّ مبينٌ
يسابقُ فعلُه قولاً صدرْ
وخالدُ ذكرٌ بذكرى له
تُخلّدُ فينا وفينا استقرّ
وفهدٌ تسمّى على اسمه
فليس يُجارى ببعد النّظرْ
يليه الذي للسخاءِ سبيلٌ
فأعطى وأندى بجهرٍ وسرٍّ
فليس يسرّ إنِ الخيرُ أربى
ولم يُفْـنَ بذلاً وجوداً وبِـرّْ
أبو متعبٍ كم بكته عيونٌ
إذا ما اصطفته أيادي القدرْ
على العهدِ ندعو له في ثوابٍ
بمقعدِ صدقٍ بنعمَ المقرّ
وسلمانُ حزمٌ وعزمٌ نراه
مذلُّ العصاةِ معزٌّ مصِر
كأنه عقبى لرجسِ العداةِ
كأعجاز نخلٍ هناك انقعرْ
يعي صمتَه مَن بخزيٍ دحاه
وألجمَ فاه بقاسي الحجرْ
وشُلّت بمسعاه كلتا يديهِ
وأطرافُه قد غزاها الخدرْ
إذا الليثُ كشّر عن نابه
فحمقاً يظنُّ سروراً ظهرْ
إذا الحمقُ داءٌ وأعيا دواه
فسلمانُ صاغَ دواه ابتكرْ
سلوا بيتَ وهنٍ بِوَهْدِ المقرّ
هل استنهضوا من محلٍّ قطر
وطهرانُ هابت لبطشِ يديه
وأودى بأذنابِ كسرى سقرْ
سلامٌ على مستشارٍ أمينٍ
كعمرو الدهاةِ بحيث اشتهرْ
فريدُ المقامِ بسبرِ الرّجالِ
وينضحُ فهماً ووجهاً أغـرّْ
سريعُ البديّةِ حينَ السّؤالِ
لديه جوابٌ كومضِ الشّررْ
فلو أنّ أمّ القرى قد حكت
لأثنت عليه بمـدحٍ أبـرّ
وتشهدَ في إثرها طيبةٌ
وزكّى المديحَ عروسُ البحر
ومسقطُ رأسي تشيدُ بذاكَ
بنهضةِ عمرانها تزدهرْ
تغنّت خليصٌ وأبناؤها
بيومٍ عظيمٍ جميلِ الأثرْ
وجمدانُ مالَ طروباً لها
على اللحنِ أشجاه وقعُ الوتر
وصفحاتُ تاريخِها راقصاتٌ
تضيءُ بما رصّعوا من دُررْ
ماجد الصبحي
أبوعبدالملك